أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - علي الحاج حسين - لقاء شامل مع الكاتبة حسيبة عبد الرحمن















المزيد.....



لقاء شامل مع الكاتبة حسيبة عبد الرحمن


علي الحاج حسين

الحوار المتمدن-العدد: 1740 - 2006 / 11 / 20 - 09:43
المحور: مقابلات و حوارات
    


* النظام بوليسي ولتبرير ضعفه يبطش بالناس ويقول انظروا كم أنا قوي.
* عندنا احتمال حرب أهلية إذا بقيت الأوضاع هكذا.
* أقول للمعارضة يجب أن نفكر بمشروع ، وأقول للنظام لن تحكم إلى أبد الآبدين.
* سوريا بين أول خمس بلدان في العالم الأكثر فسادا..
* أريد أن تكتب أني أرشح لمنصب رئاسة الجمهورية العربية السورية زياد الرحباني.
* تجارة الرقيق رائجة في سوريا والمافيات تعمل بالدعارة، ونحن نغمض عيوننا.
* برنامج النظام للإصلاح هو برنامج فساد بكل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
* أنا ضد عقوبة الإعدام، والقتل على أساس الشرف وهذا المجتمع بلا شرف...
* لا يوجد لدينا معارضة بل أصوات معارضة وتفتقر لمشروع تغيير.
* خسر البيانوني من التحالف مع خدام وسقطت أسهمه في سوريا.
* من المؤسف أنه في هذا القرن يُعاد طرح تشكيل خلافة إسلامية.
* الديمقراطية مرتبطة بمفهوم المواطنة وليس بمفهوم الشورى والراعي والرعية.
* يدعو النظام السوري في الصباح و المساء لخالد مشعل وهو نسخة عن البيانوني.
* النظام السوري لا يريد أن يقوم بترسيم الحدود في شبعا كي يبرر سلاح حزب الله.
* عندما يكون لدينا قوة جماهيرية نقدر أن ننتزع حقوقنا من النظام فهو لن يتبرع بشيء أبداً.
* السجن اليوم "كف ورفسة" وليس كرسي ألماني للتعذيب.
* العقلية المجتمعية غير الديمقراطية تبدأ بشخص الأب في البيت وتنتهي برئيس الدولة.
* موقف النظام من إسرائيل ليس جوهري. لو حققت له إسرائيل شروطه سوف يعمل تسوية معها.
* النظام يشجع على الطائفية عن وعي وإدراك من أجل استمرار حكمه وتسلطه.
* فريد غادري لم يكن معارضا أبداً، ما يهمني هو البيانوني، وليتكلم غادري بالذي يريده.
* أنت يا فريد غادري، كيف أفهم أن يصبح الشخص فجأةً معارض، هذا شيء خطير جداً وممكن في لحظة أن ينقلب مرة ثانية..
* في سوريا شخصيات مجربة يعوّل عليها مثل هيثم المالح، أكثم نعيسة ونزار نيوف.

أبرز ما قالت حسيبة:

* عقلية النظام بوليسية وليس فيه رجال دولة..
* يتعاملون مع المواطن كما لو كان راعيا لدى شيخ العشيرة، أي مفهوم راعي وقطيع وليس مفهوم دولة، ولتبرير ضعفه يبطش بالناس ويقول انظروا أنا قوي.
* الجميع يعرف إننا في بلد سلطته الشمولية لم يعد فيها اجتهادات. لدينا سلطة قمعية لا تسمح بأي نوع من أنواع الحريات العامة.
* حرية الرأي في الخمسينات كانت أفضل من الآن. النظام ديكتاتوري ولا يوجد تغيير.
* خوف المجتمع السوري من مزاولة أي عمل مستقل عن الدولة جعل متعاطي حقل حقوق الإنسان أغلبهم سجناء سياسيين.
* أريد أن تكتب أني أرشح لمنصب رئاسة الجمهورية العربية السورية زياد الرحباني.
* نظام مستبد يعتمد بكل آلياته على قوة العسكر... هذه البلد مشكلتها مشكلة ضعف الاقتصاد وتتحكم بنا مؤسسات الجيش والأمن والبعث وبالتالي تحكمنا القبلية فهذا هو الطابع العام للدولة البوليسية. طالما أنّ لهذا النظام طابع بوليسي فلن يتخلى عن وسائله القمعية.
* النظام اختار الفساد وهناك سؤال لا أحد يجيب عليه، لماذا نحن بلد فاسد ونحن من بين أول خمس بلدان في العالم الأكثر فسادا، لماذا؟..
* عليك أن تدّبر نفسك فقط بالرشوة والفساد فأصبح البلد فاسد من الأعلى إلى الأسفل.
* يسيطر على الدولة الأمن والجيش ويقومون بنهب البلد ويعطيه النظام مظهر طائفي، وقد لعب دورا كبيرا ا بمسألة التجييش الطائفي عن وعي وإدراك من أجل استمرار حكمه وتسلطه.
* يستخدم النظام سياسة الباب النصف مفتوح، لا يفتحه كله ولا يغلقه كله، فيعتقل متى شاء وبذلك يظهرون "العين الحمراء" للعالم.
* لا يوجد لدينا معارضة بل أصوات معارضة وتفتقر لمشروع وهذه هي كارثتنا.
* نحن لسنا جالسين بجزيرة معزولة عن العالم، وصارت المطالبة بالديمقراطية جريمة، يربطونها بأمريكا وكأن الديمقراطية و المطالبة بها جاءت مع أمريكا، مع أنها كانت من قبل أن تأتي أمريكا على المنطقة ولذلك ببساطة شديدة يقال لك: الآن نحن لدينا مشاكل مع إسرائيل ومع كذا........الخ أي إلى الخطر الخارجي.
* عندما يكون لديك قوة جماهيرية تقدر أن تنتزع حقوقك من النظام فهو لن يتبرع بشيء أبداً.
* المعارضة عملها إعلامي لا أكثر ولا أقل، وضعيفة إلى أنه ليس مشروعها التغيير بل مشروعها هي المراقبة ولا تراقب على أكمل وجه،
* النظام متسرطن ومسيطر على كل الدولة وكأنك في دائرة مغلقة.
* يحكم سوريا مصالح مافيات سياسية اقتصادية بتحالفات غرائبية من شكلها، نحن محكومون من مافيات.
* النظام فاسد وهو يحارب الفساد عن طريق المسلسلات التلفزيونية, فكيف سيتصرف المرء تجاه هذا النظام الفاسد الغارق بالفساد من رأسه الى أخمص قدميه.
* النظام حالياً يطرح برنامجه وهو برنامج فساد بكل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
* المعارضة تائهة وتمشي بخطى عاثرة لا يعرفون إلى أين يسيرون والنظام وضعه ليس بأفضل.
* هؤلاء الرأسماليين السوريين المعارضين لا يدفعون الأموال إلا إذا كانت لصالحهم, ودعنا لا نضحك أو نوهم أنفسنا بغير ذلك، لأنّ البرجوازية السورية برجوازية متخلفة وليست صاحبة مشروع.
* نتميز بأننا أصوات معارضة ولسنا معارضة لأنّ المعارضة الحقيقية تمتلك مشروع ولديها الكوادر بحيث تستطيع أن تصوّب على عمل الحكومة وإذا الحكومة لم تستطع القيام بعملها تسقطها المعارضة وتكون بديلاً عنها.
* لست مع الاستعانة بقوى أجنبية أبداً وأنا ضد ذلك وبشكل قاطع والحصول على حقوق الشعب يجب أن تكون من صنع التغيير الداخلي.
* أقول للمعارضة يجب أن نفكر كلنا بمشروع فعلي وليس فقط بالشعارات. وأقول للنظام لن تستطيع أن تحكم بهذه الطريقة إلى أبد الآبدين.
* مصالح النظام بمليارات الدولارات ولن يرد على أحد.
* أتمنى من رئاسة الجمهورية أن تجري انتخابات فعلية بدون استفتاء.
* إذا كان لدينا في الاستحقاق الرئاسي أكثر من مرشح لن يكون سوى مرشح صوري شكلاني لأنه لن يكون هنا انتخابات حقيقية. فهذه التجربة اليمنية وقالوا : نحن لن نستطيع العيش بدونك يا رئيس.
* الآن نذهب الى السجن ونتعرض للضرب والشتم قليلاً ( ناكل كم كف وكم مسبة)، أما سابقاً فكنا نذهب إلى الكرسي الألماني وقد يشل أحد أعضاؤك أو تصير معاق مدى الحياة أو تموت.
* المجتمع السوري نائم وكأننا نعيش في مكان محدود، والشعب السوري بمعظمه دخله محدود يعيش تحت خط الفقر.
* قابلية المجتمع على قبول أي نظام قمعي ديكتاتوري عالية جداً نتيجة البنية المجتمعية غير الديمقراطية وتبدأ بشخص الأب في البيت وتنتهي برئيس الدولة.
* تزدهر في سوريا تجارة الرقيق والمافيات تعمل بالدعارة، كل ذلك موجود ونحن نغمض عيوننا عن قصد أو عن غير قصد.
* أنا ضد عقوبة الإعدام في سورية ككل، والقتل على أساس الشرف وهذا المجتمع بلا شرف... فطالما عندك جمعيات ليست ذات طابع مهني سوف تظل واقعة في الحقل السياسي وهذا يبدأ من عندي وجرّ.
* جميع المنظمات المحلية والعالمية تطالب بالإفراج عن الدكتور عارف دليلة، واعرف أن الدولة لن تلبي الطلب.
* جمعيات حقوق الإنسان غير ناضجة وقادتها مختلفين مع بعضهم البعض وخائفين من رد فعل أحزاب المعارضة أن تتهمهم بعض الأحزاب السياسية بمحاباة للنظام وما إلى ذلك.
* أعدت مع أكثم نعيسة تشكيل لجان الدفاع عن حقوق الإنسان في سورية ومن ثم اختلفنا وتركت اللجان وساهمت بتشكيل الجمعية السورية لحقوق الإنسان.
* حتى لا يقول أحد أنّ لي علاقة بأكثم نعيسة ليس لي علاقة معه، وكل الذين انتقدوا أكثم نعيسة وخرجوا لم يأتوا بأفضل مما جاء.
* عندنا انسداد أفق في الديمقراطية وانسداد أفق في الاقتصاد والسياسة والمجتمع فهناك احتمال حرب أهلية إذا بقيت الأوضاع هكذا.
* لولا ما قام به النظام العراقي من ارتكاب حماقات طائفية بالعراق لما وصلت البل للاحتراب الطائفي.
* عندما يأخذوا تمويل بدون علم الدولة سواء من فوق الطاولة أو من تحت الطاولة، تعتقلهم السلطة وعندنا أحكام تصل لحد الإعدام من أجل التمويل، وبالتالي عندنا حسابات كبيرة بما يتعلق بالمال، فالذي يأتي بالمال عليه أن يستشير الدولة إما من تحت أو من فوق وإلا تعتقله.
* في مدارس لبنان يعلمون حقوق الإنسان، لماذا لا يصبح هذا عندنا..!...
* من المؤسف أنه في هذا القرن يُعاد طرح تشكيل خلافة إسلامية. جاء المشروع الإسلامي في الثمانينات ضد الحريات الدينية والحريات الشخصية إضافة الى الحريات السياسية أي أكثر استبداداً.
* خسر البيانوني من التحالف مع خدام وسقطت أسهمه في سوريا.
* خدّام جسم من أذية نظام الحكم من عام 1963 وبرقبته من عام 1963 حسب ملفات المعارضة في باريس أرواح بشر بريئة، فهو الذي قدم تقارير لضرب مدينة حماة لأنه كان محافظ المدينة وقام بضرب التيار الإسلامي في مدينة حماة، عدا عن مسائل الفساد فيتكلم عن الفقر وكأنه عندما كان في السلطة لا يعرف.
* أنا برأيي كان للبيانوني حظوظ في سوريا أحسن و أفضل من حظوظ عبد الحليم خدام و التحالف (بيانوني –خدام) أسقط حظوظ البيانوني التي يمتلكها.
* تجييش الأخوان المسلمين في الثمانينات كان على أساس طائفي بحجة أنّ هؤلاء الروافضة مستولين على الحكم فتعالوا لنخرج عليهم.
* الديمقراطية مرتبطة بمفهوم المواطنة وليس بمفهوم الشورى ومفهوم الراعي والرعية، الشورى تعتمد على الراعي والرعية وإمارة المؤمنين بينما مفهوم الديمقراطية مفهوم يعتمد المواطنة ويعتمد الحداثة.
* سورية الآن منقسمة إلى 75% باتجاه التدين و 25% باتجاه العبث أو العبثي وهو الذي لا يقتنع بشيء. من حق المرأة السورية ولاية الفقيه والولاية الكبرى.
* النظام السوري في الصباح و المساء يدعو لخالد مشعل وهو نسخة عن البيانوني.
* النظام السوري لا يريد أن يقوم بترسيم الحدود في شبعا كي يبرر سلاح حزب الله. النظام موقفه من الصراع العربي الإسرائيلي هو موقف شكلاني وليس جوهري. فإذا إسرائيل حققت له شروطه فيذهب ويعمل تسوية معها.
* النصر عندنا هو الهزيمة لأننا أناس مهزومين فصار كل الذي يهزمنا نحن معه.
* الأنظمة العربية جاءت وثُبتت عن طريق النظام العالمي ولا يستطيع أي نظام البقاء لولا وجود قرار من إحدى دول النظام العالمي تريد له البقاء.
* هناك مجموعة شروط للأكراد يجب الحصول عليها يعني حقوقهم كمواطنين.
* لماذا تستبق الأمور - الفيدرالية الكردية في سوريا أو الحكم الذاتي أنا لن أقول: أنا ضد أو مع ، هذا فعلياً يقرره الشعب كله بما فيهم الأكراد.
* ماذا سأرد على فريد غادري فهو لم يكن معارضا أبداً، وكل ما في الأمر أنه أراد أن يستفز النظام و مشاعر الطائفة العلوية, ما يهمني هو البيانوني.
* الغادري ليس موضوع لأنه ليس بمعارض, البيانوني كان حديثه بمستوى ممتاز جداً، وليتكلم الغادري بالذي يريده.
* أنا لست ضد الغادري كشخص وأختلف معه سياسياً, فهو لم نسمع باسمه إلى أن سقط الحكم في بغداد.
* أما فجأةً أنت يا فريد غادري تظهر مع سقوط بغداد، وهذا ملفت للانتباه ولا يبعث بالأمل, يعني أنا لا يمكنني أن أفهم أن يصبح الشخص فجأةً معارض، هذا شيء خطير جداً وممكن في لحظة أن ينقلب مرة ثانية فكيف سأعرف ماهي حدوده؟...
* في سوريا شخصيات حقوقية ومعارضة ناشطة تستحق أن يلقى الضوء عليها مثل هيثم المالح، أكثم نعيسة ونزار نيوف.

نص الحوار:

س: كيف تقدم حسيبة عبد الرحمن نفسها لقراء مجلة منبر سوريا؟...

أقدم نفسي كمعارضة سياسية وكاتبة، وأُنصف في كل المجالات المتعلقة بالحريات العامة في سورية دون الانتقاص من المسألة الوطنية، من مواليد عام 1959م وأصلي من ريف مصياف حيث جاء أبي إلى مدينة دمشق في عام 1945م وتطوع في الجيش الفرنسي عن سوريا، ومنذ تلك اللحظة نحن مقيمون في دمشق، وأعتبر نفسي أنتمي لدمشق أكثر مما انتمي إلى أي مكان آخر وأنتمي إلى المكان الموجود فيه هو حي قديم أسمه كفرسوسة.

دخلت السجن للمرة الأولى عام 1979وكان عمري آنذاك عشرين سنة، أما المرة الثانية كانت عام 1979أيضاً، وسجنت في المرة الثالثة عام 1993 وبقيت لمدة ثلاثة أيام، ناهيك عن التوقيفات التي تستمر لساعات وآخر مرة أوقفوني عندما كنت مشاركة في الاعتصام من أجل قانون الطوارئ مع لجان الدفاع عن حقوق الإنسان هذان آخر توقيفان، درست في معهد الغزل والنسيج باعتباري يسارية من حزب يساري فكان واجب عليّ أن أطوّر الطبقة العاملة، وهذا أبداً لا ينسجم مع نفسي ومع طبيعتي فقط ينسجم مع الإيديولوجية التي أحملها.

س: باعتبارك ناشطة في الحقل السياسي وناشطة في حقل الإنسان في سورية كيف تنظرين إلى الخلط الرهيب بين العمل في الحقل السياسي والعمل في حقل حقوق الإنسان؟!...

باعتقادي هناك مشكلة قديمة في سورية، حيث شهدت سوريا في مرحلة الليبرالية السورية أي في مرحلة الخمسينات التي كان فيها طغيان للحركة السياسية على الشأن العام في سورية أعلى من طغيان أي شيء آخر، تاريخية سوريا الحديثة هي تاريخية أحزاب أكثر من تاريخية جمعيات أهلية وهذا انعكس بشكل عام على كل مناحي الحياة في سوريا، وبالتالي لا أرى إلا أنها استمرار لهذه المرحلة مرحلة الحراك السياسي في سوريا رغم ضيق العمل في هذا المجال ودور القمع المعمم في سوريا وسيطرة النظام على كل مناحي الحياة في سورية ومع ذلك لا زالت سوريا حتى هذه اللحظة تعمل وفق هذه الآلية آلية الأحزاب السياسية أكثر من آلية جمعيات أهلية، لا أدري إذا كان في المستقبل القادم سيكون أي تحول لكن حتى الآن رغم محاولات الجمعيات الأهلية في سوريا ( جمعيات حقوق الإنسان وجمعيات المجتمع المدني وما إلى ذلك) حتى الآن لم تحقق أي تقدم في هذا المجال.

س: يُقال في الشارع السوري أن أغلب الناشطين في حقوق الإنسان هم تراكيب أمنية هدفهم تعويم حالة حقوق الإنسان وإفراغها من مضمونها الحقوقي، كيف ترين هذا الموضوع؟....

لا استطيع أن أطلق هذه التهمة بهذه البساطة، دعنا نكن واقعيين لأنّ جمعيات حقوق الإنسان في سوريا ابتدأت بشكل فعلي طبعاً هي موجودة منذ الستينات لكن بشكل أساسي تشكلت على يد اللجان في عام 1989، لا أستطيع أن أسميها إنها جاءت في تلك المرحلة لهذه المرحلة، قد يقول بعض الناس أن بعض العاملين في حقل حقوق الإنسان يفترض أن تكون جمعيات أهلية بمعنى من المعاني مفصولة عن العمل السياسي، لكن نتيجة هذا الاختلاط الذي يحدث جعلت الناشط في حقل حقوق الإنسان وكأنه حزب سياسي والحزب السياسي يقوم بمهام حقوق الإنسان لأنه إذا رأيت برامج الأحزاب السياسية أو الوثائق التي يقومون بنشرها كلها تتصل بمطالب حقوق الإنسان وحقوق الإنسان يتطلب ذلك، وبالتالي لا توجد هذه الخصوصية وبرأيي هذا الطغيان السياسي نتيجة غياب الحريات الأساسية فلو وجد مجال لتشكيل جمعيات في ظروف طبيعية يتقدم لشأن الجمعيات الأهلية فعلاً الناس - دعنا نسميهم المهنيين في هذا المجال - يعني المحامي المهني فعلياً ليس المحامي ذو الخلفية السياسية، ولكي يعمل في حقل حقوق الإنسان أو المجتمع المدني وحتى حماية المستهلك وحتى أي شكل من أشكال الجمعيات الموجودة وحتى البيئة وما إلى ذلك، لكن القمع المعمم في سوريا دفع الناس حتى الذين يتقدمون إلى الجمعيات الأهلية هم أشخاص سياسيون وبالتالي هذا انعكس على عمله وهذا يمكن يحتاج زمن طويل حتى تستطيع أن تفصل ما هو سياسي عما هو حقوقي وحتى يستطيع الناس المهنيين أن يتقدموا لهذا العمل لكن خوف المجتمع السوري من أي عمل مستقل عن الدولة، جعل الناس الذين يتقدمون في هذا المجال قلائل وأغلبهم من حركات سياسية، دعنا نقول : أغلبهم هم سجناء سياسيون.

س: بوصفك ناشطة في حقوق الإنسان كيف تقيمين واقع حقوق الإنسان الحالي مقارنة بفترة الخمسينات من القرن الماضي؟...

في القرن الماضي أي في الخمسينات لم توجد جمعيات لكن إذا أردت أن أسمي كيف كانت حقوق الإنسان دعنا نقول حرية الرأي كانت أفضل من الآن من حيث حريات الرأي لكن يجب أن نحكم - على الأقل – التطورات الجارية في سورية لأننا نحن نسير باتجاه ليبرالي علينا أيضاً أن نرى سوريا في الخمسينات كانت نسبة الأمية أكثر من 70% وبالتالي كانت حرية الرأي تقتصر على النخبة، الآن بحكم أنّ التعليم توسّع وأصبح بالمعنى الأفقي وليس بالمعنى العمودي - أولاد العائلة أو كذا - نسبة التعليم في المعنى الأفقي أصبحت أكبر وبالتالي دعنا نقول: إنّ إمكانية مشاركة الفئات الشعبية الآن في حال أصبح هناك مجال لحريات رأي أعلى بكثير مما كان في السابق، في السابق كان أولاد العائلات الذين كانوا يمارسون الرأي وكانوا يقودون هذا العمل - دعنا نسميه - الحراك المجتمعي وهم الذين كان يلحقوا في الشارع بالعملية الأم، في الخمسينيات على مستوى كانت أفضل لكن على مستوى الحقوق دعنا نتحدث بشكل واضح عن الفلاحين، الآن الذي يتغير في سورية بالكلام سوف نرى أن الحريات ضمن البرجوازية السورية - تداول السلطة – وهذا شيء جيد وليس سيء أبداً، لكن في الوقت نفسه على هامش هذا المجتمع كان يهزأ بالفلاحين في كل أرياف سورية بدون تمييز مابين الجنوب والساحل وإلى الساحل إلى دير الزور، وبالتالي هذا الشيء كان يتم على أيام هذا النظام وبرعاية قانونية كانت هناك رعاية قانونية لتحالفهم مع الإقطاع آنذاك ولا زالت لكي نرى الأمور مثل ماهي أي حرية الرأي كانت لكتلة بشرية أمية لا تفقه بالسياسية أي شيء آنذاك، ثم جاء أكرم الحوراني وسيّر القضية الفلاحية وتقدم فيها لكن هم عملياً جاؤوا على قضية وحيدة هي قضية الأرض عندما حُلت مسألة الأرض في سوريا أي قاموا بإجراء إصلاح زراعي وما إلى ذلك رغم الشوائب والكوارث التي ارتكبوها في هذه العملية أفرغت سوريا من الحراك السياسي وكان حراكها السياسي يعتمد على الكتلة الفلاحية الأساسية نتيجة هذه السلطة وبحدود ضيقة مدنية، فلا تستطيع أن تقول لدينا مدينة و70% من الاقتصاد السوري يعتمد على الزراعة آنذاك، بينما الآن بالعكس الأمور أفضل هناك مدنية أفضل بحكم أن الاقتصاد الصناعي أفضل مما كان عليه، التعليم أفضل مما كان عليه ... ... الخ.

لكن لدينا سلطة قمعية لا تسمح على الإطلاق بأي نوع من أنواع الحريات العامة أو لا تسنّ أي قوانين لصالح الحريات في سوريا، طبعاً الحريات العامة بما فيها الحريات السياسية بغض النظر أنّ لدي نزوغ اشتراكي وهذه لا أخفيها على الإطلاق، الليبرالية لي تحفظات كثيرة عليها لكي أكون واضحة لكن هذا لا يعني أني سأقف ضد الليبراليين بمعنى من المعاني فعندما تقترب من الكتلة البشرية بشكل أفقي لسورية يكون لي موقف لصالح هذه الكتلة ولا يكون لصالح القوى الليبرالية، هذا مع الأسف الشديد يتم في سورية لبرّلة وخصخصة على الأقل قطاعات كبيرة وأساسية للشعب السوري يتم تحت مظهر الجميع والجميع صامت مع الأسف، قطاع الصحة رغم كل الكوارث التي تحصل داخل مشافي الدولة ونقص الخدمات وما إلى ذلك لكن هي عملياً الحد الأدنى للفقراء في سوريا بأنهم يستطيعون الدخول للمعالجة وإجراء عمل جراحي داخل المشفى، الآن هناك خصخصة لهذا القطاع والجميع صامت وكأنّ المجتمع السوري نائم وكأننا نعيش في مكان محدود لأن دخلنا محدود والشعب السوري بمعظمه دخله محدود تحت خط الفقر هذا من أين له أن يتعالج إذا كان يسير باتجاه الخصخصة خاصةً في مجال الصحة والتعليم، ونحن نرى كيف؟ ما يحصل في الجامعات هناك خصخصة للجامعات والجامعة السورية جامعة الدولة لا تسمح بدخوله إلا من يمتلك الأموال خاصةً في سباق العلامات العالي جداً وبالتالي الفقير الذي لا يحصل على علامات لا يسمح له بدخول الجامعات وبالتالي انتهينا أو بالأحرى أصبحت الجامعة إما للفقير المتفوق وهذا فيها شيء من العودة إلى الخمسينات ولكن بشكل آخر.

س: بوصفك أديبة وكاتبة وناشطة في الحقل السياسي وحقوق الإنسان، أين ترين مصونية حقوق الإنسان هل في ثقافة التغيير أم في تغيير الثقافة؟...

برأيي الاثنتان مطلوبتان التغيير في ثقافة التأييد المناهضة لحقوق الإنسان السائدة قولاً واحداً، المسألة ليست مسألة سلطة إذا لم نريد الحديث في الشعارات فقط ففي الشعارات أستطيع القول : أنّ النظام ديكتاتوري ولا يوجد تغيير وما إلى ذلك، لا توجد مشكلة لكي أتكلم تكلمت وانتهيت ثم ماذا؟...

هناك شيء مهم جداً يجب أن يتم نحن عندنا ثقافة هي ثقافة غير ديمقراطية ليست فقط في السلطة وإنما في المجتمع السوري فإذا قررت الآن الدولة أن تتدخل وسط المعارضة السورية وفي وسط الأسرة العادية في المعارضة قررت الدولة على نمط وليس على النمط الاستبدادي الموجود عندنا، الدولة قررت أن تتدخل في أسرة مثلاً : أب ضرب أبنه أو أكره ابنته على ارتداء الحجاب تدخلت الدولة وقالت إن هذا منافي لحريتها ولحقوق الإنسان لأنّ حقها الخروج سافرة وحقها أن تسهر بعد سن 18 عام ترى ماذا سيحصل في سوريا؟... ماذا سيفعل هذا المعارض؟.... هل سيقف بشراسة عالية أكثر مما يقف ضد النظام والسلطة التي تخرب البلد في سوريا وسيكون موقفه أشرس فما بالك بعامة الشعب بمعنى الذي أريد أن أوصله مشكلتنا دائماً أننا نطلب الحرية فقط على المستوى السياسي ونطلب الديمقراطية على المستوى السياسي، بمعنى أننا لا نرغب إلا بالحريات الليبرالية ويبقى المجتمع فقط كما هو هذه كارثة، طبعاً الحريات السياسية ضرورية جداً لكن لا تطلب ولا تصنع إلا بحريات عامة مجتمعية، قابلية المجتمع على قبول أي نظام قمعي ديكتاتوري عالية جداً نتيجة البنية المجتمعية الغير ديمقراطية مثال: الأب يحكم أولاده ويحكم زوجته ولا يقبل أن يخرجوا عن رأيه وبالتالي الأب هنا ممثل للسلطة في البيت والسلطة تبدأ من سلطة الأب في البيت وتنتهي بالسلطة الرئاسية سواء كانت برئيس الجمهورية أو السلطة الملكية وبالتالي في لحظة تعمل حريات وصارت في سورية حريات ليبرالية فلماذا فشلت الليبرالية في سورية؟... فقط لأنّ البرجوازية السورية ضعيفة!....

بالتأكيد هي ضعيفة ولكن عندنا بنية مجتمعية تحمل هذا النظام الغير ديمقراطي لكن كي نعمل نظام ديمقراطي وأن يصان عليك نشر ثقافة ديمقراطية في البيت إلى المدرسة وصولاً إلى المؤسسات ومن رئاسة الجمهورية إلى البنية المجتمعية ( الأسرة ) ومن الأسرة إلى رئاسة الجمهورية عندئذٍ تستطيع القول إنّ هناك ديمقراطية فعلية عند الشعب لكن الآن أعمل حريات وبعد فترة أي رجل مغامر ديكتاتوري ينقض عليها وهذا شيء طبيعي، نحن نريد أن نرى كم هي المقاومة التي صارت لهذه الأشكال مثلاً: في أمريكا اللاتينية كان هناك ديكتاتورية مرعبة وقاوم الناس في أمريكا اللاتينية هذه الديكتاتورية المرعبة بدرجة مرعبة أيضاً عن طريق عمليات عسكرية وعصابات مسلحة... ... الخ من الحركات التي قامت، ونحن صارت عندنا بدرجة أضيق بما لا يقال وأتت على خلفيات أخرى غير الخلفية بمعنى المجتمعية، بعضها جاء على خلفية طائفية............ الخ .

تنوعت ولكن لم تأخذ هذا الشكل الصراعي ضد سلطة مركزية ديكتاتورية جاء واحد يصارع مثل التيار الإسلامي آنذاك أعتقد أنه استفاد من درسه، الآن جاء لكي يصارع من أجل أرضية ديمقراطية وجاء يصارع على أرضية أيضاً استبدادية لكن بدل أن يكون فيها نصف علماني جاءت على خلفية دينية وإغلاق سورية آنذاك، الآن أكيد عاشت سوريا لكن هم جاؤوا على أساس استبدادي آخر أكثر استبدادية يعني الحريات العامة مصانة والحريات الشخصية أيضاً يعني إذا ما تدخلت في السياسة واشتكى عليك الجيران لا يأتي عليك أحد، حريتك الدينية مصانة بينما كان المشروع الإسلامي في الثمانينات آنذاك جاء ضد الحريات الدينية والحريات الشخصية إضافة الى الحريات السياسية أي أكثر استبداداً.

س: هل انتميتِ إلى منظمة حقوقية تدافع عن حقوق الإنسان في سورية؟ وماهو سبب تركك للجان؟

أعدت تشكيل اللجان ابتداءً من عام 1999 عندما خرج الأستاذ أكثم نعيسة من السجن عام 1998 والتقينا وقمنا بإعادة تشكيل لجان الدفاع عن حقوق الإنسان في سورية ومن ثم اختلفنا وتركت اللجان وساهمت بتشكيل الجمعية السورية لحقوق الإنسان واعتبر هذه المنظمة من أفضل المنظمات التي عملت حتى الآن في حقل حقوق الإنسان في سورية، هي لم تصعد درجة ولم تهبط بقيت معتدلة تحاول قدر الإمكان والحفاظ على مهنية ما، ثم تركت الجمعية وكنت لأعتقد قد سألت في السؤال الأول جمعيات حقوق الإنسان مالها وما عليها وحتى لا يقول أحد أنّ لي علاقة بأكثم نعيسة ليس لي علاقة معه، كل الذين انتقدوا أكثم نعيسة وخرجوا ولكن لم يأتوا بأفضل مما جاء به هو يعني تصرف بنفس الشكل كما كان يحصل داخل الأحزاب الشيوعية والكل يشتكي من الأمين العام وعندما يخرج الأمين العام يضعوا أمين عام جديد ومع الأسف الشديد هذا الذي يحصل داخل منظمات حقوق الإنسان ماعدا الجمعية السورية حقيقةً يحاولون قدر الإمكان – كما تحدثت أن تكون المنظمة مهنية إلى حد ما أما اللجان نتيجة – دعنا نقول – بحكم أنها أول منظمة تعرضت لقمع عالي المستوى من قبل النظام إضافة إلى غياب معيار لحقوق الإنسان وتأخر بمعنى أنها هي جمعية مفصّلة على أساس شخص ومع الأسف الشديد بدأت المنظمات الأخرى تحذو حذوها والذين خرجوا عنّا حذوا حذوها وبالتالي هناك سؤال يطرح نفسه هل يا ترى هذا المجتمع الغرائزي حتى في مجال حقوق الإنسان وجمعيات المجتمع المدني؟.

دائماً يكون لها طابع شخصي هذه مشكلة كيف يمكن أن تعمل عمل له طابع مؤسساتي بمعنى طلع فلان ونزل فلان يعين فلان ناطق رسمي أو أمين عام وإلى أي حد نحن قادرين على عملها، يا ترى فقط الظرف الموضوعي الموجود في سوريا يلعب دور في هذا الشيء أم هناك سبب آخر هو فعلاً ذاتي له علاقة فيها؟ برأيي الاثنين معاً أكيد القمع يلعب دوراً أكبر.

س: كونك انتقلت من اللجان إلى الجمعية السورية لحقوق الإنسان حبذا لو تقولين لنا ما هي أهداف جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان في سوريا؟

يفترض أن يكون كشف انتهاكات حقوق الإنسان ونشر ثقافة حقوق الإنسان وبشكل أساسي مراقبة ما يتعلق بالانتهاكات عبر الدولة أو منظمات المجتمع السوري لكن نحن في ظل ضغط العامل السياسي أو كون الوضع السياسي في سوريا لا يوجد فيه حريات عامة جعلوا الجمعيات الأهلية وجمعيات حقوق الإنسان تركز بشكل أساسي على الوضع السياسي أكثر مما تركز بشيء آخر أو توزع لأنّ حقوق الإنسان ليست فقط المسألة السياسية أو ما يتعلق بانتهاك الحق السياسي والرأي وإنما هناك قضايا أخرى مثل حق المرأة، حق الطفل .......... الخ، نرى أنّ هذه المسائل مغيّبة بكل المنظمات تقريباً لصالح الحقل السياسي وهذا كما أسلفت سابقاً يتعلق بالسلطات ويجعلنا بالهم المركزي في سوريا الذي هو الجمهور.

س: ما هي الأدوات المستخدمة لتحقيق هذه الأهداف؟...

اعتقد حتى الآن أنّ العمل حتى هذه اللحظة الذي يحصل – دعنا نقول – عمل المؤسسات عمل أقرب إلى الشكل الإفرادي ومع الأسف الشديد له طابع واحد ووحيد هو إعلامي يعني أنّ الجمعيات كلها وظيفتها إعلامية أكثر من أن تكون قادرة لنفترض على رعاية مؤسسات الدولة ونرى ماذا يحصل من انتهاكات الشرطة وهذا موضوع مهم جداً، والعمل الذين يقومون به على حقوق الإنسان ويفترض بك أن تبقى تتكلم بإذن الحكومة حتى يكون عنده على الأقل وهم يخرجون دورات ليكون عنده جزء فهم هذا الملف وتبدأ تتحدث عن نشر ثقافة حقوق الإنسان التعليمي داخل المدارس الحكومية مثلاً : في لبنان يدرّسون حقوق الإنسان لماذا لا يصبح هذا عندنا؟...

نحن حتى الآن لا يوجد عندنا ولا ننفذ إلا هذا الشق الإعلامي أنه أعتقل فلان، في السلطة طبعاً هذا عمل جيد ولا أقلل من أهميته ولكن هناك عمل مؤسساتي مشترك أوسع وأعلى يكون له مهام أعلى بكثير فعلاً هو نشر ثقافة حقوق الإنسان.

س: رؤساء المنظمات أو أعضاء من هذه المنظمات يقولون: إنّ الدولة لا تعترف بهم فكيف يطالبون الدولة بوضع مناهج أو مادة تعنى بنشر ثقافة حقوق الإنسان سواء أكان في المدارس أو المعاهد القضائية أو الجامعات السورية أو حتى تدريب عناصر الأمن على الأقل؟

أعتقد أن الجميع يعرف إننا في بلد سلطته الشمولية هذا لم يعد فيه اجتهادات عليه ولكن اذا قلت إن هذه السلطة شمولية فإذا كانت موجودة سلطة شمولية ماذا تفرق القصة؟..

فإذا طلبت أن تخرج فلان لن تقبل بإخراجه، مثلاً جميع المنظمات المحلية والعالمية تطالب بالإفراج عن الدكتور عارف دليلة، طبعاً لا وهذا الشيء ينطبق على نفس القصة أبقى أطلب من الدولة وأعرف أن المطالبة بالإفراج عن الدكتور عارف دليلة، طبعاً لا وهذا الشيء ينطبق على نفس القصة أبقى أطلب من الدولة واعرف أن الدولة لن تلبي طلبي ولكن يبقى هذا جزء من عملي ومحاولة لنشر ثقافة حقوق الإنسان في البلد عبر طرق كل الأبواب حتى لو ما كنت جمعية سياسية لأن تفهم أن حزب سياسي في المعارضة لن يقترب ويحاول قدر الإمكان الابتعاد عن هذه النقطة وهذا غير صحي أيضاً لأنه يفترض أن تكون هناك لغة حوار لكي نرى ومع ذلك نبقى نطالب سمعوا أم لم يسمعوا هذه هي مشكلتهم مثلها مثل إطلاق سراح الناس من المعتقل فلماذا أطالب بإطلاق سراح الناس وبنفس الوقت لا أطالب بنشر ثقافة حقوق الإنسان في المعاهد القضائية وداخل الشرطة وأبقى أطالب لأنّ هذا عملي فإذا لم يردوا عليّ بشيء ما إما أغلق الجمعية وأجلس لأنه لن يردوا على شيء فلماذا هنا أطالب وهناك لا اطلب الوضع الصحيح أطالب هنا وأطالب هناك.

س: لو برهنت لجان وجمعيات وهيئات ومنظمات حقوق الإنسان على حياديتها والاقتصار على النشاط الحقوقي والمدني فلماذا لا تقوم بتشكيل وفد مشترك يتفاوض مع السلطة حول طول وعرض وحدود الخطوط والدوائر الحمراء التي ترسم لكم وبذلك تتحاشون الدوس على ذنب القطة ولا يزج بكم في السجون؟

اعتقد أن جمعيات حقوق الإنسان لديها الهامش من هذه الخطة بعكس الأحزاب السياسية عندما تكون ناضجة ولكن لماذا لا يقومون بذلك؟... فأعتقد أنهم مختلفين مع بعضهم البعض وحتى الآن غير قادرين على توحيد خطوة وخائفين من رد فعل المعارضة السياسية العنيفة إذا أقدموا على هذه الخطوة يمكن أن يتهمهم بعض الأحزاب السياسية المعارضة أنّ هذا السلوك محاباة للنظام وما إلى ذلك، وإنّ هذه الجمعيات لا تعمل إلا تحت سقف النظام بمعنى أنها لا تعمل خارجه وأعتقد أن لديهم مجموعة مخاوف عند البعض من خطوة كهذه والبعض الثاني يعتقد أنه غير قادر على أخذ خطوة والبعض الثالث قد يكون لم تخطر على بال البعض هذه الخطوة أي تتراوح المواقف ولا تستطيع قول فكرة واحدة وتعممها، وكل واحد له أسبابه لأنهم لم يأخذوا هذه الخطوة لكن أعتقد أنّ بوصفهم جمعيات أهلية أن يقوموا بها لأنه مطلوب منهم بوصفهم أنهم ليسوا أحزاب سياسية يفترض أنّ جمعيات حقوق الإنسان تقف بين المعارضة والسلطة بمعنى أنها تراقب الانتهاكات التي تحصل من قبل النظام الحاكم أو من قبل المعارضة إذا تم انتهاك حقوق أحد أفرادها.

س: ماهي الضغوط التي تتعرض لها لجان وجمعيات ومنظمات حقوق الإنسان من قبل السلطات؟

بالأساس هو عدم وجود ترخيص وبالتالي هذا الباب النصف مفتوح في أي وقت يريد النظام إغلاقه وفي أي وقت يقول اعملوا لذلك لا توجد أي حماية قانونية لك وبالتالي في أي لحظة يمكن أن تعتقل تحت بند تشكيل جمعية سياسية ونحن رأيناكم شخص تعرض حتى الآن لمثل هكذا تهمة تشكيل جمعية سرية فهذا الباب النصف مفتوح لا هم يفتحونه كله ولا يغلقونه كله، وبالتالي هم يتركونك هذا الوضع بالنسبة للجمعيات الأهلية سيف مسلّط على رؤوسهم في أي وقت يريدوا أن يعتقلونك وفي أي وقت يشاؤن يضغطون عليك وفي أي وقت يتركونك وهذه لها علاقة أحياناً بدافع سلطة سياسية وأحياناً يخافوا من أن يكون هناك توسيع للنشاط العام في سورية لا يستطيع نظامنا عمل شيء له، أحياناً يريدون أن يرى العالم العين الحمراء وأننا موجودون فلا تفكرون أننا خائفون وخصوصاً إذا رأى الناس هوامش من الحرية نتيجة ضعف النظام فإذا النظام رأى أنّ الغير يرى هكذا يقوم بالبطش طبعاً مع الأسف هذا الأمر تفكير غير دولي يعني هذا تفكير أمني وليس تفكير رجال دولة.

رجال الدولة يتعاملوا مع هؤلاء المواطنين الموجودين معهم لكن مع الأسف الشديد ينظر إليهم وكأنه راعي عند رئيس قبيلة ( شيخ العشيرة) وعنده هيبة ومهيوب وينظر للعالم على أساس أنه ضعيف ويعتبر نفسه وصي أي مفهوم راعي وقطيع وليس مفهوم دولة ولو كان مفهوم دولة لما رأى المعارضة أنها تنظر إليه وكأنه ضعيف لذلك يبطش بالعالم ويقول انظروا أنا قوي مثل ما فعل بالعشرة وكما فعل بربيع دمشق و أيضاً بإعلان دمشق- بيروت.

س: لماذا الشرخ كبيرا بين الممارسة والتطبيق، إذ اقتصر دور المؤسسات المدنية والحقوقية على إصدار بيانات مقتضبة، بينما في وثائق تأسيسها تبنت برامج نظرية وتطبيقية تشمل البحوث والدراسات وعقد المؤتمرات والندوات والحلقات الدراسية والدورات؟

أنا قلت بأنّ هناك شيئاً موضوعياً مرتبط بالظرف والشرط الموجودة فيه والذي لم يدع المهنيين يتقدمون، مثلاً محامي مهني فعلاً عنده ثقافة حقوقية ممكن أن يشتغل بها لكن الخوف يجعل الناس يتقدمها كلها إلى خلفية سياسية وهذه الخلفية السياسية هي التي تتحكم بالعمل الحقوقي، وهذه الخلفية السياسية هي التي تجعله يرى النظام الآن يرفع السقف أو منزل السقف فإذا كان رافع السقف أرفع معه أي عندما النظام يبدأ - بالعين الحمراء - نزّل السقف وعملياً يفترض في حقوق الإنسان أن تراقب انتهاكات فلا لك علاقة لا بهذه ولا بهذه ويفترض هذا نظرياً وهذا ممكن لا علاقة له بالواقع أي أنّ هذا الانتهاك هو الانتهاك وموقفي من هذا العمل هو هذا أو هذا لأنه يمس الحقوق، مع الأسف الشديد نحن نرجع ونتكلم بنفس النقطة فطالما عندك جمعيات ليست ذات طابع مهني سوف تظل واقعة في الحقل السياسي وهذا يبدأ من عندي وجرّ.

س: ماهي أبرز الأسباب التي تجعل السلطة تصادر الحريات العامة، وما مبرر وجود قوانين طوارئ استثنائية، وما سبب عدم إباحة الحريات والديمقراطية في سورية؟

برأيي ليس له مبرر نهائياً يجب عليك أن تحدد طبيعة أو طبائع هذا النظام وهذا يسهل عليك كثيراً، ممكن أن يخالف بعض الشيء نحو اليمين أو نحو اليسار ويفتح قليل من الحريات، أنت عندك نظام تقول عنه مستبد يعتمد بكل آلياته على قوة العسكر فعندما يقوم العسكر بالتحكم بمصير شعب، قطعاً لن يصير إلا العسكر موجود أمامك، أعتقد أنّ هذا الموضوع هو السائد فنحن نرى هذا النظام المستبد دائماً لأنّ الكل يعرف سلطة العسكر، والآن ممكن أن يقولوا بأننا نمس من قوة الجيش الوطني، وطالما أن لديك نظام طابعه عسكري أمني يتحكم في سوريا وطبعاً في كل مرة يتقدم واحد مرة الأمن ومرة أخرى الجيش حسب الشرط و الظرف، فعندما تدب حرب أهلية يكون الجيش أما ظرف بدون حرب أهلية يتحكم الأمن وهذه المؤسسات الجيش والأمن والبعث وهي ثلاث مؤسسات طبعاً مؤسسة البعث هي الثالثة، أما مؤسسات الجيش والأمن هم الأساس وبالتالي تحكمنا القبلية فهذا الطابع العام لدولة بوليسية ومن المؤكد أن ترى هذه النتائج.

مصر عملت اتفاقية السلام ولم يبقى لديها صراع مع إسرائيل ومع ذلك مازال قانون الطوارئ سارياً، ولا يرفع إلا ليحط مرة أخرى وهذا إذا ارتفع لأنّ هذه المؤسسة العسكرية كانت حجتها أن عندها صراع مع العدو الإسرائيلي، فعملت التسوية واتفاقية فمن عام 1978م إلى الآن نفس الآليات هي التي تتحكم طبعاً بشروط أفضل من سوريا، وطبعاً المؤسسة العسكرية ماذا تعمل؟...

أنت غير محكوم بقوة الاقتصاد وليس الاقتصاد هو الذي يتحكم، هذه البلدان مشكلتها مشكلة نتيجة ضعف الاقتصاد ليس من الآن بل من فترة الخمسينيات ودائماً المؤسسة العسكرية هي التي تقوم بالوكالة عن هذه القوى وتتحكم بمصائر البلد وتحفظ مصالح البرجوازية الأخرى السورية.

س: هل تعتقدِين أن المجتمع السوري ناضج ويعرف كيف يتصرف بحريته وحقوقه فيما لو "أهدتها" السلطة له، وهل سوريا أصلا جديرة بالديمقراطية في ظل هذا التنوع القومي والأثني والديني والمذهبي، ومن سيجمع كل هذه المتناقضات في سلة واحدة لولا القمع وقوة البسطار الأمني والمخابراتي ؟

لا أحد يهدي الحرية ولا أي نظام في العالم يهدي لأحد على الإطلاق وإذا أردت شيء فعليك أن تطالب به، النظام اختار الفساد وهناك سؤال لا أحد يجيب عليه، لماذا نحن بلد فاسد ونحن من أهم خمس بلدان في العالم فساداً لماذا؟..

وهذا بالمعنى الاقتصادي وبالشكل الأساسي وأيضاً بالمعنى السياسي، دعنا نقول نتيجة السرقات وما الى ذلك هم وجدوا الحل أنّ هذه الدولة وموظفي الدولة وكتلة الدولة لتذهب وتسرق وبالتالي سوف لن تطالب بحقها، هذا الذي يأخذ ويسرق ويضعه على رقبة الآخر وهلمّ جراً، عوض أن يحسّنوا الظروف الاقتصادية لهم والوضع الاقتصادي هو الذي يحدد شروط مهمة، لأنه عندما تجوّع البشر تخرج وسوف تتظاهر من أجل المطالبة بخبزها وخبز أولادها وهو ليس بهذا الشكل الروتيني الذي أتحدث عنه، أي تصل إلى مرحلة غير قابلة على تحمله، لكن ما الذي يحدث عندنا؟ الذي يحدث هو عليك أن تدّبر نفسك وذلك بالرشوة والفساد وبالتالي أصبح البلد فاسد من الأعلى إلى الأسفل، وهكذا يمكنك أن تعرف هذا المطلب الحق فموظف الدولة مرتبه لا يكفيه وبالتالي كيف سيحل أزمته المالية؟.. بالفساد وعندما تقول له : لا تعال وطالب بحقوقك يقول لك : لا هذه تكلفني سجن أما طريقتي على النهب أفضل، فالفساد ممكن أن يكلفه سجن ولكن أقل وضريبته أقل، وأنا اعتقد انه من المؤسف أن نتكلم هكذا نحن حدث عندنا حادثتين شكلوا عندنا حالة رعب حقيقية، طبعاً ليس من الممكن أن أقول أنّ بلدنا لا يدخل بصراعات بل ممكن أن يدخل بصراعات حتى الذات طابع طائفي رغم كل السوية السياسية التي وضحت بامتياز مع حرب لبنان، أنا لا أستطيع أن أرى الشعب السوري كيف وقف مع لبنان وليس هو قرار النظام لأن قرار النظام ممكن أن يطبق في الشارع أما في البيت ممكن ألا يتبع فالمواطن السوري من وحده كان مع حزب الله ومع الشعب اللبناني ومع ذلك هذا لا يعني أن ليس هناك تخوفات لدينا ولكن هذه التخوفات كيف يمكن أن نحلها؟... هل نحلها بغياب الديمقراطية؟......... لا بالتأكيد لأنه كلما غابت الديمقراطية أكثر أو بقي البلد مغلق ويوجد انسداد الأفق السياسية كلما كان هناك حرب أهلية أعلى أي في الأمام، فإذا لم يكن السنة فبعد عشرة سنوات، أنت عندما تريد السلم الأهلي فالسلم الأهلي كيف سترعاه بالقوانين التي سوف تعملها، هل من الممكن أن تقوم بمجموعة قوانين تخدم مصالح الحريات العامة في سوريا وكل قانون يفتح للأمام عدة مجالات وهكذا نتخلص من الاحتقان، أما لماذا يصبح ويصير الاحتقان الطائفي؟...

يصبح هناك احتقان طائفي نتيجة انسداد أفق التغيير، فهناك رأي عام يقول: أنّ هناك طائفة أقلية مسيطرة ومتحكمة في البلد، دعنا نكن صريحين جداً فمن من هذه الطائفة متحكم؟...... المتحكم هنا هو الأمن والجيش بشكل أساسي و الآن هم يقومون بنهب البلد وهذا ينعكس بمفهوم عام هو مفهوم طائفي، النظام لعب فيها و للنظام دور كبير جداً وخصوصاً بمسألة التجييش الطائفي وهذا كله عن وعي و إدراك من أجل سلطته وحكمه، وبالتالي أيضاً الأخوان المسلمين في الثمانينات عندما جيشوا كان تجييشهم على أساس طائفي أيضاً، وأنّ هؤلاء الروافضة آخذين الحكم فتعالوا لنخرج عليهم فجيشوا كثير من الشعب السوري، وغياب الديمقراطية ليس هو الذي يقف في وجه الاحتراب الطائفي وهذا ليس صحيحاً بل على العكس غياب الديمقراطية هو الذي يؤدي إلى الاحتراب الطائفي، فكلما سُنّت قوانين من أجل نواحي الانفراج لأنه عندنا انسداد أفق في الديمقراطية وانسداد أفق في الاقتصاد والسياسة والمجتمع فهناك احتمال حرب أهلية إذا بقيت الأوضاع هكذا، فأنا بمقدوري أن استبعدها ولكن القمع ليس حلاً للمشاكل، القمع هو الذي يجيّر الحرب الأهلية هذه هي العراق ولماذا وصلوا الى ما فيهم الآن، ولماذا تجيشوا طائفياً و الأمريكان لهم دور في الاحتراب الطائفي ولكن لولا النظام العراقي ما قام بارتكاب حماقات طائفية بالعراق لم تصل الى الاحتراب الطائفي، يجب عليك أن تحلل هذه الأمور وتسحبها من أجل إنصاف المجتمع، وأنت لا تطالب بدولة طائفية ولا تقول كذلك ولكن تقول دولة علمانية ففي الدولة العلمانية تقوم العلمنة بحفظ علاقات الطوائف مع بعضها البعض، وهي ترتيب علاقة الطوائف بعضها ببعض أي يصبح هناك حق المواطن للجميع والكل محفوظ حقه، وهذه تحلها فعلاً عن طريق دولة علمانية وليس القصد من العلمانية فصل الدين عن الدولة بهذا المعنى بل بمعنى ترتيب العلاقة بين الطوائف، أي أنّ حقوق الناس من مختلف الطوائف محفوظة حقوقهم.

س: ما هي الإجراءات التي تتخذها جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان في منع استخدام المرأة كسلعة وتجارة "الرقيق الأبيض" التي راجت في دمشق على إثر الحرب في العراق، وهل قدمتم شيئا لهذا الواقع أم تجاهلتموه باعتباره حالة عرضية؟

بالحقيقة أنا لم اعمل شيءً بمنتهى البساطة، مثل ما تكلمت على غيري وأنا من الكتلة العامة مع الأسف الشديد همنا يتركز كما تحدثت سابقاً في الحقل السياسي، هذه هي المشكلة وأنا لا أبرر ولذلك هناك اتجار بالرقيق ومافيات تعمل على الدعارة، وبالتالي كل ذلك موجود ونحن نغمض عيوننا على ذلك بصراحة عن قصد أو عن غير قصد، وأراها في المعركة السياسية ومع الأسف هكذا أفضل.

س: ترزح نسبة كبيرة من النساء في سورية تحت وطأة ظروف من الحرمان الشديد ممن حقوقهن الإنسانية الأساسية والاعتداء عليها ما هو دور جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان في صيانة حقوق المرأة السورية، وماذا عن حقوق المرأة السورية والطفل؟

مع الأسف الشديد لم أفعل شيء وهناك جمعيات أحدثت منذ فترة من أجل رفع سن الحضانة وقاموا بعمل جيد ورفعوا سن الحضانة ويفترض أن تقوم جمعيات حقوق الإنسان بدور أكبر في هذا المجال ونرى أن جمعيات حقوق الإنسان في سوريا ليس لها علاقة بحقوق الإنسان، إنّ الجمعيات النسائية هي التي قامت برفع سن الحضانة وقدموا لمجلس الشعب مشروعهم وأنا أعتقد أنه لا يوجد لدينا اقتصاد مؤسساتي، ونحن لا نعمل وفق مؤسسة بل تعمل في حقوق الإنسان للأحزاب المعارضة، أحياناً للأسف أفكر انه لا يوجد لدينا معارضة بل أصوات معارضة، المعارضة يجب أن يكون لها مشروع ونحن بلا مشروع وهنا بيت القصيد، ونحن نتكلم بأصوات عن المعارضة السياسية ونحن ليس لدينا مشروع وهذه هي كارثتنا.

إذا كنت تريد أن تعمل في المعارضة يجب أن يكون لديك مشروع ويجب أن يكون هناك عدة عوامل : أولاً: برنامج سياسي ...... ثانياً: تحتاج لتمويل ولمجموعة شروط.

والبرنامج السياسي هو الأساس فالمعارضة ترى كل شيء يخصخص في المجتمع وتعمل نفسها لا ترى وتطلب ديمقراطية، نعم نحن بحاجة لديمقراطية ولكن بنفس الوقت نريد أن نعالج الناس وليس أن تموت الناس ولا توجد مشافي أو مشفى يأويها ويعالجها.

س: في 24/03/2005م صرح السفير عماد مصطفى بأنه لن يبقى سجين رأي واحد في سورية، وتلاه مؤكدا وزير الداخلية، فهل هي مناورات لكسب ود الغرب أم تتوقعين إغلاقاً كاملاً لملف الاعتقال السياسي؟

لا أعتقد أنهم سيغلقوا ملف الاعتقال السياسي نحن اتفقنا على أنّ هذا النظام طالما أنّ له طابع بوليسي فلن يتخلى عن وسائله القمعية فبالتالي أنا أعتبرها ليست أكثر من مناورة، الآن هناك تحكم للشروط العامة في تحسين العمل السياسي أكيد، لقد عشنا تجربة عام 1980 ونحن نعرف ضريبة كل شيء، الآن أنا قادرة على الجلوس بالقهوة وقبل منها كنت اجلس بالقهوة وفي الثمانينيات كنت تشاهدني أجلس قرب الهافانا وألبس حذاء( الخفافة) وأركض كي لا يعتقلوني، الآن نذهب الى السجن لا يأخذوننا إلى الكرسي الألماني ويجوز أن نضرب ونشتم قليلاً ( نأكل كم كف وكم مسبة)، أما سابقاً فكنا نذهب إلى الكرسي الألماني فإما أن تشل أحد أعضاءك أو يصبح معك داء أو مصيبة، فبرأيي هذه عبارة عن مناورات وهم لا يستطيعون في هذه المنطقة وحتى الأمريكان، الأمريكان وضعوا نقطة على شيء اسمه الديمقراطية، يعني المعارضة في المنطقة كانت معوّلة على أنّ الأمريكان قد وضعوا دعاوى الديمقراطية فقالت لهم أمريكا: توقفوا لم نعد نريد ديمقراطية، وهذه الأنظمة المستبدة مناسبة ومفيدة جداً لأمريكا ومنذ ثلاثة أشهر إلى الآن وهي محاولة اللعب على الإصلاح.

س: ما هو مستقبل الحريات العامة في سورية؟

نحن لسنا معزولين، يجب أن يتحكم بنا مجموعة من القضايا ونحن قادرين اقتصادياً أن نتقدم للأمام وكيف سيحقق وكم ممكن للشرط السياسي أن يفتقر وهل المعارضة قادرة على أن تقدم برنامج وتنتزع مكاسب من النظام؟...

وهل ممكن أن تحقق بعض الامتيازات وهذا مرتبط بالوضع الإقليمي وبالوضع الدولي فنحن لسنا جالسين بجزيرة ومعزولين عن العالم الآن أي دعوة يقولون: تريدون ديمقراطية وكأن الديمقراطية و المطالبة بها جاءت مع أمريكا، والمطالبة بالديمقراطية كانت من قبل أن تأتي أمريكا على المنطقة ولذلك ببساطة شديدة يقال لك: الآن نحن لدينا مشاكل مع إسرائيل ومع كذا........ الخ أي إلى الخطر الخارجي، فموضوع الديمقراطية داخلياً محكوم بتوازن ما بين قوى داخلية، فهل تستطيع المعارضة أن تحسن شروطها المرتبطة بالوضع الإقليمي والوضع الدولي؟... خصوصاً أنّ المنطقة الآن تحت الوصاية الدولية أأعجبنا الأمر أم لم يعجبنا، نحن كلنا تحت الوصاية الدولية وهناك شيء تحت المظلة وشيء تحت القمر الاصطناعي، فنحن تحت القمر الاصطناعي وبالتالي نحن مربوطين فيه، الآن كم من الممكن أن يحقق الشرط الداخلي إمكانية لتحسين ظروف المجتمع وعندما يكون لديك قوة جماهيرية تساعد نفسك بها وتقدر أن تنتزع حقوقك من النظام فهو لن يتبرع بشيء أبداً.

س: ما هي أوجه الشبه والاختلاف بين الإعلامي والناشط في مجال حقوق الإنسان؟

رجل الإعلام نشاطه بشكل رئيسي هو الكتابة بحقل الإعلام أما الناشط في حقوق الإنسان جزء من نشاطه هو إعلامي وليس كل نشاطه إعلامي، بينما الإعلامي يجب أن يطّلع على كل ما يجري داخل سورية ويراقبه.

س: هل يمكن لمؤسسات حقوق الإنسان في سورية أن تكون بديلا نوعيا عن الأحزاب السياسية المعارضة؟

لا أبداً، نحن بعد سقوط المعسكر الاشتراكي أصبحت هناك موجة هي موجة حقوق الإنسان ومنذ سنتين تقريباً أصبحت موجة اسمها موجة المجتمع المدني، فالموجة تأتينا من الخارج، والمصطلحات كلها من الخارج ونحن نتبناها، ومشكلة المجتمع المدني الآن ماذا يعمل بها؟.. الطبقة الوسطى في المنطقة هي التي تنتج الأفكار وهذا معروف تاريخياً وبالتالي هناك محاولة لربط هذه الطبقة الوسطى عبر المجتمع المدني وعبر عدة أساليب وعبر التمويل وما شابه ذلك لربط مصالحهم فيهم، الآن بغض النظر هي لا يمكن أن تحل محل أي حزب سياسي معارض، بل هي أضعف من المعارضة بما لا يقاس وكنا نتكلم عن المعارضة وعملها إعلامي لا أكثر ولا أقل، أضعف إلى أنه ليس مشروعها التغيير بل مشروعها هي المراقبة ومع ذلك هي لا تقوم بعملها ( المراقبة ) .

س: كيف يمكن العمل على تفعيل وتأصيل وتأهيل منظمات المجتمع المدني ليكون المجتمع بكافة شرائحه وطبقاته فاعلاً ومشاركاً للنضال من أجل حياة حرة كريمة ورفع الهيمنة و الوصاية عنها؟..

إذا الدولة لم ترفع يدها عن المجتمع، لأنه كتمويل يجب أن تمولها الدولة وحتى لا تربط الجمعيات بمكان آخر مفترض أن النظام يخرج عن دوره كنظام ويصبح أسمه دولة وألا يسيطر النظام أي يعني أن تصبح دولة سورية هذه الدولة معنية هي بالمجتمع المدني وهي التي يجب أن تقدم مساعدات أو على الأقل مساعدات عبرها، لكن مع الأسف النظام متسرطن مسيطر على كل الدولة، فعلاً وكأنك في دائرة مغلقة حيث النظام مسيطر على أجهزة الدولة وأنت تطالب الدولة فما الحل؟...

س: بعض الناس يقولون أنه يجب التمييز بين الديمقراطية التي تعني في نفس الوقت الحداثة( في مجال الفكر والسلوك على الأقل ) وبين الديمقراطية التي لا تأخذ في اعتبارها إلا التعبير الحر والنزيه؟..

طبعاً الديمقراطية هي بنت الفكر الحداثي قطعاً، الديمقراطية هي ليست مصطلح قديم والذي يحاول أن يمزج بينها وبين الشورى فأنا لست معه فالشورى موضوع ثاني يختلف عن الديمقراطية، فالديمقراطية مرتبطة بمفهوم المواطنة وليس بمفهوم الشورى ومفهوم الراعي والرعية وهذا فرق كبير فمفهوم الشورى يعتمد على الراعي والرعية وإمارة المؤمنين بينما مفهوم الديمقراطية مفهوم يعتمد المواطنة ويعتمد الحداثة، ومع احترامي للذين يقتنعون بالشورى وهذا شأنهم وحقهم، فالديمقراطية تعتمد على شيء أو مفهوم مدني حديث لمواطن حر، لقد أعجبني كلام سليم الحص عندما قال : إنّ المجتمع الديمقراطي عندما ينتخب لا ينتخب لأنك تقوم برشوته، وهذا يعني انه لا ينجحك في الانتخابات لأنك تقوم برشوته وهذا في حقيقة الأمر هو المواطن، فعندما تنزل برنامجك هو من يحاسبك، وإذا طلعت على الحكم ولم تقم بواجبك سيسقطك في الانتخابات المقبلة، هذا هو مفهوم الديمقراطية وهو حداثي، بينما مفهوم الديمقراطية أوسع وأشمل وهو مفهوم ليس له علاقة بالمجتمع ككل وبنية المجتمع من التعليم للأسرة والسياسة والاقتصاد.

س: هل هناك فرق بين " المجتمع المدني" كما تتصوره النخبة العربية العصرية وبين " المجتمع المدني" كما هو بصدد الظهور بالفعل في واقع الحياة العربية؟...

برأيي الفرق هو بين النظري والواقع ، فالواقع قد لا أوافق عليه وقد أنا كنخبة لا يعجبني الذي هو بصدد الظهور ولكن بالنهاية هذا واقعنا وهذا ما أنتجه مجتمعنا أما أعجبني أو لم يعجبني هذا موضوع ثاني، أم انه سيخرج مجتمع مثلي؟!. لا لن يخرج مجتمع مثلي بل سيخرج مجتمع ذو طابع متدين، سورية الآن منقسمة إلى 75% باتجاه التدين و 25% باتجاه العبث أو العبثي وهو الغير مقتنع بشيء.

س : انتم تناهضون كل أشكال الإكراه والتعذيب وتنبذون العنف والقمع فما هو موقفكم من عقوبة الإعدام في سورية وهل تطالبون بالغاء هذه العقوبة؟

أنا ضد عقوبة الإعدام في سورية ككل، وأنا مع أن يحكم الشخص مؤبد والمؤبد قد يأتي عفو ويخرج ويفترض أن يتوقف عند عقوبة الإعدام، والأهم من ذلك إذا أردنا أناس تنشط ضد عقوبة الشرف والقتل على أساس الشرف أنا برأيي هذه الأخطر والأكثر كارثية فإذا نظرت على المجتمع نرى شيء أخطر من عقوبة الإعدام كجريمة الشرف، أنت من حقك أن تقتل مباشرة نتيجة وضع الشرف وهذا المجتمع بلا شرف...

س : أنت في لجان إحياء المجتمع المدني، فهل كان هناك مجتمع مدني في فترة الخمسينات أو الأربعينات وانتم تريدون إحياءه أم هو مجتمع أهلي رعوي؟....

هناك أنوية لمجتمع مدني ولكن لا يعني أنه كان هناك مجتمع مدني في الأربعينات والخمسينات وليس مجتمع مدني وإلى الآن في الصحراء هناك العشيرة وبالمدن هناك الحارات وزعماء الحارات ولو أنه أصيبت بضربات لا نقول عنها قليلة أبداً وعلى الرغم من وجود مدن كبيرة في سورية مثل دمشق – حلب ، ولكن مع ذلك كانت تتحكم فيها الحارات ولو أنه من المفروض أن ندافع عنها ومفهوم الحارة أحد الأشكال الأخرى عن العشيرة والمجتمع المدني هو حارة وزعيم حارة، هذا تعرض لضربات بحكم التوسع في البنية المجتمعية بسوريا وخصوصاً بمدينة دمشق، أهل المدينة لم يعد أكثرهم داخل الحارات وأغلبهم باع وأصبحت هناك ضربات كبيرة لهذه المفاهيم ولكن لا أستطيع أن أقول مجتمع مدني.

س: هل تقيمون ورش عمل وندوات ومؤتمرات تنموية في اللجان أم أن دوركم يقتصر على الخطاب السياسي كما يقول البعض؟...



لم نقم ورشات عمل أو مؤتمرات مع الشارع السوري، نحن لدينا مفاهيم عامة نحن نحمل شعارات بكل شيء وهذه عملنا قوى عمل شعاراتي، لا يوجد شيء أسمه عمل، فمسألة الفقر يفترض أن نعمل عليها وليس من أجل أن أظهر أنا أو غيري x من الناس أو نأتي بتمويل أو كذا أو على الإطلاق، فعلاً أنت تفكر بطرق من أجل حل مسائل كبيرة أكبر من حجم البلد بل تحاول بقدر الإمكان تأخذ عينات وتقوم بمشاريع بهذه الأحياء الفقيرة و المهمشة وما إلى ذلك، أو من خلال مشاريع تنموية صغيرة عبر الدولة وعبر قانون البطالة وعبر بعض التمويلات من الخارج تحت إشراف الدولة كي لا تكون من تحت الطاولة وتسرق الأموال ويصير الفساد.

س: يقال إنّ من يسيطر على مؤسسات المجتمع المدني العربية أغلبهم من القوى الانتهازية ومتصيدي الفرص و السماسرة، فأصبح تأسيس منظمات المجتمع المدني لجعلها وعدِّها وسيلة سهلة لكسب المال وأداة للوجاهة والنفوذ، ما هي حقيقة الأمر في سورية؟...

يوجد شيء من هذا القبيل ونحن في سوريا لدينا أوضاع معقدة و صعبة ففي سوريا عندما يأخذوا تمويل بدون علم الدولة سواء من فوق الطاولة أو من تحت الطاولة، تعتقلهم السلطة وعندنا أحكام تصل لحد الإعدام من أجل التمويل، وبالتالي عندنا حسابات كبيرة بما يتعلق بالمال، فالذي يأتي بالمال عليه أن يستشير الدولة إما من تحت أو من فوق وإلا تعتقله وقد يكون هناك من يأتي بالأموال وأنا لا أعرف ولكن يكون بعلم الدولة.

س: ما هو موقف منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان من التمويل الخارجي؟

إذا كان من باب الجمعيات الأهلية فأنا معها ولكن قطعاً لا تحدد المحور الذي سأعمل به وكلنا نعلم هم يعطون أموال ولكن يريدون شيء منك، أنا ضمن هذه الشروط لا أعمل ولكن أن يأتيني تمويل من جمعيات أهلية فعلاً إنسانية لصالح قضية ما ولكن أنا الذي يحدد الأهمية وليسوا هم، بل الواقع الذي عندك إذا أردت المساعدة لأي مكان أو وقتها أنت تطلب تمويل لهذا المشروع أما ليسوا هم من يفرضوا عليك، مع أني أشك أن يعطوا لله تعالى ويعطونك زكاة أموالهم.

س: إن صدق ما نشر في الإعلام مؤخرا نقلا عن الإدارة الأمريكية أنها حزمت أمرها وحددت موعداً أخيراً لرحيل العلويين من العاصمة والمدن السورية الكبرى، فما هدف الإدارة الأمريكية بذلك، وما تعليقك على هذا الموضوع، وما مدى مصداقية مثل هذا الأمر؟

مع الأسف الشديد ماذا سأرد على فريد غادري حيث لم يكن معارض أبداً ولا أي شيء وكل ما في الأمر أنه أراد أن يستفز النظام و مشاعر الطائفة العلوية, ما يهمني هو البيانوني و ليس موضوع الغادري لأنه كما قلت ليس بمعارض, وأنا سمعت البيانوني وكان حديثه بمستوى ممتاز جداً، وليتكلم الغادري بالذي يريده وأنا أعتقد أنّ الإدارة الأمريكية إذا كان يصح لها تغيير النظام بأقل الخسائر الممكنة فليس لديها مشكلة وإذا رأت أنها ستخسر فعندها مشكلة كبيرة, ومع ذلك أنا رأيي العميق جداً أن موقفها تجاه النظام السوري هو مركّب ومعقّد, دعنا نرى النظام السوري وماذا يوجد بيده وخصوصاً النظام الماروني في لبنان، ولا يوهمونا أبداً بأنّ النظام الماروني القابع في لبنان ليس من الأنظمة الشمولية, فهل يا ترى الإدارة الأمريكية تريد إسقاط النظام الماروني في لبنان؟..

بمعنى أنّ المارونية على رأس هرم السلطة في لبنان وإذا أرادت أمريكيا فهل توافق أوربا على ذلك؟... هذه أسئلة لا أحد قادر على الإجابة عليها, فإسقاط النظام بطريقة ما وبالنمط الذي يتحدث به هذا يعني إسقاط النظام في لبنان وخروج الشيعة كأكثرية ضمن الأكثرية العددية، مثل ما حدث في العراق حيث الأكثرية طائفية حكمت عوض أن يكون هناك أكثرية سياسية قامت على أسس طائفية، فيجب أن تقف مع الشيعة في لبنان وهذا يعني أن تقوم بلعبة خطرة جداً أضف مسألة علاقتنا بالجولان ونصف مليون فلسطيني في سورية غير أهالي الجولان الموجودين وهذا في الحد الأدنى, هؤلاء صراعهم مع إسرائيل عدا عن الملفات العرقية وغيرها, وأنا لا أتكلم عن المستوى الظاهري بل هناك مستوى أعمق بكثير هو فعلاً مستوى المارونية السياسية في لبنان, دعنا نقرأ تحالف ( حزب الله – عون ) حيث كل الناس قالوا : تحالفهم من أجل الرئاسة وهذا غير صحيح وعملياً هو إعلان على أنّ الشيعة ستحفظ الرئاسة المارونية من خلال تعداد الطائفة الشيعية, يعني تحالف( عون - حزب الله) يدّل على أنّ حزب الله هو الذي سيحمي السلطة المارونية بعد خروج سورية من لبنان, وهو موضوع حساس جداً والناس تأخذ البالونات ولكن أنت عندما تأخذ البالون يجب عليك ألا تأخذ السطح الأول بل يجب عليك أن تأخذ السطح الثاني, وبالتالي ما هي مصلحة الإدارة الأمريكية بقلب المنطقة كلها إذا كانت قادرة على حماية مصالحها بحد أدنى مقبول وبدون مغامرة غير معروفة النتائج، فلماذا تخوض مغامرة من هذا النوع؟...

س: ماهي قراءتك لخطاب السيد البيانوني الأخير وخطاب السيد عبد الحليم خدام والتحالف بينهما؟.

أنا قلت إن الذي يعنيني هو الكلام الوطني الذي تكلم به البيانوني على المستوى الوطني فقد كان كلامه فيه حس عالي من المسؤولية وهذا شيء ممتاز، وأعتبر أنّ هذا نقلة نوعية كبيرة للتيار الإسلامي والآن نأتي على خط عبد الحليم خدام و تحالفه مع البيانوني فأنا كنت راغبة بألا يكون هناك تحالف، لأنّ البيانوني أسقط أسهمه في سوريا وبصراحة التحالف لم يضف له شيئاً بل على العكس لأنه لا يجب عليه أن يتحالف معه، وإذا أعجبك عمله فأثني عليه و لا تتحالف معه لأن خدّام جسم من أذية نظام حكم من عام 1963 وبرقبته عام 1963 حسب ملفات المعارضة في باريس أرواح بشر بريئة، فهو الذي قدم تقارير لضرب مدينة حماة لأنه كان محافظ المدينة و قام بضرب التيار الإسلامي في مدينة حماة, عدا عن مسائل الفساد فيتكلم عن الفقر وكأنه عندما كان في السلطة لا يعرف و هذا فيه شيء معيب, نحن لسنا في لبنان حيث كان الحريري يسرق و ينهب و يوقّع بالدين العام ثم رجع و قلب الناس لصفه, الرأي العام السوري ليس هكذا فنحن كرأي عام ليس رأينا متقلب و ليس لدينا هذه التقلبات النوعية في بنية المجتمع ككل فلا يوجد لدينا بنية متقلبة، وفي لحظة تنقلب 180 درجة و بالتالي أنا برأيي كان للبيانوني حظوظ في سوريا أحسن و أفضل من حظوظ عبد الحليم خدام و التحالف ( بيانوني –خدام ) أسقط حظوظ البيانوني التي يمتلكها.

س: ما سبب تنابذ وشقاق المعارضين السوريين وتفشي ظاهرة الحرس القديم وعدم القدرة على ضخ دماء فتية وتفشي الشيخوخة - باستثناء رياض الترك، الذي ترك مقعد الرئاسة حيا – ولكن زهرة في صحراء لن تصنع ربيعا، حتى الأخوان جددوا للأستاذ البيانوني. فهل هذه نقطة تشابه بين المعارضة والنظام، ومن ورث عن من؟

نحن لدينا معارضة وتكلمنا في بداية الحديث عن بنية المجتمع حيث يوجد لدينا في سوريا الأمين العام يبقى الأمين العام ورئيس الحزب يبقى رئيس الحزب وأعضاء المكتب التنفيذي يبقوا أعضاء المكتب التنفيذي وعندما يقرروا ترك مناصبهم ينشق الحزب, هذه الآلية الديمقراطية يجب أن يكون لديك هذه الثقافة والبنية وليس قراراً فقط، وأنا عندما أقرر أن أكون ديمقراطية يجب أن أكون متربية على طريقة ما وأنا أحاول الآن بشكل واعي وأتلمس هذا الطريق وقد أنجح وقد لا أنجح, وهذا يعني أنّ المعارضة - طبعاً الآن- تعيد نسخة النظام على هذا المستوى ولكن الذي يجعلك لا تقول الكلام هو أنها لم تجرب من أجل أن يكون المرء منصفاً إنّ المعارضة لم تجرب وتعرضت لعمليات قمع وبالتالي يجب عليك ألا تتوقع لها بنفس التركيب، وبالتالي حزب البعث أصبح لديه زمن كبير مجرّب ولم تكن هناك شروط مؤاتية لعمل المعارضة ووقتها إذا جرّبت يمكنك القول: أنها ديمقراطية أو غير ديمقراطية, و ضمن الشرط الراهن الأمين العام يبقى الأمين العام ورئيس الجمعية يبقى رئيس الجمعية وفي لبنان الواحد يورّث الثاني ويعني أحيانا قد لا يكون فيك أي مؤهل لتستلم رئاسة حزب إلا أن تكون أخو الأمين العام أو أبن الأمين العام أ أو ابن رئيس تيار.

س: ما سبب تنابذ وشقاق المعارضين السوريين؟..

أنا برأيي كانت هناك محاولة لتجميع المعارضة بإعلان دمشق وبعدها ماذا أصبح في جبهة الخلاص الوطني؟.. والأخوان المسلمين بقوا مع إعلان دمشق ولكن تحالفوا في جبهة الخلاص ولهم الحرية في ذلك، فبتقديري الشخصي قسم من المعارضة في الداخل هي غير دقيقة وهي متفقة على نقطة واحدة هي الديمقراطية, بل دعنا نقول: أنها متفقة على الحريات العامة والسياسية, وبالتالي هم متفقين فقط على الحريات السياسية وما تبقى هم مختلفين عليه, وإذا سألنا هل الأستاذ حسن عبد العظيم هو مع قوى 14 آذار في لبنان؟.

هو مع مشروع المقاومة بحكم أنه جزء لا يتجزأ من الأحزاب القومية العربية, فهو جزء من نجاح واكيم وجزء من كمال شاتيلا وهذا الذي عندنا غير كتلة القوميين العرب في المنطقة العربية ككل, وبالتالي هو لايمكن أن يوافق على ما يطرح من قبل الآخرين.

س: لو حكمنا على ظاهر المعارضة السورية في الخارج يكاد يقتصر نشاطها على المناسبات ممثلا بنشاطاتها الموسمية، والقيام بالرحلات والسياحة السياسية والإقامة بفنادق خمس نجوم وعقد مؤتمرات الحواريين والمصطفين، فهل هؤلاء أدوات التغيير المرتقبة وقادة سوريا المستقبل، أم تنتظرون الدعم الخارجي لتتقاسمون مناصب الوزارات؟

أنا لست ضد الغادري كشخص فأنا أختلف معه سياسياً وهذا أكيد, فهو لم نسمع باسمه إلى أن سقط الحكم في بغداد يعني أنا أفهم المعارضة معارضة, فأنت من أبناء جيلنا الذين لم يقدروا أن يتعاملوا مع النظام كانوا في صفوف المعارضة وذهبوا الى السجون والذي لم يذهب إلى السجن تخفى والذي نفي إلى الخارج, أما فجأةً أنت يا فريد غادري مع سقوط بغداد تظهر وهذا ملفت للانتباه بصراحة وهذا لا يبعث الأمل, يعني أنا لا يمكنني أن أفهم واحد معارض يصبح فجأةً وهذا شيء خطير جداً وممكن في لحظة أن تنقلب مرة ثانية فكيف سأعرف ماهي حدودك ؟...

س: ما هو السبب الحقيقي وراء المماطلة وقطع الشك باليقين وترسيم الحدود في شبعا؟

هذا وضع طبيعي والمسألة تتعلق بسلاح حزب الله ولنكن واضحين وقبل النقاش النظام السوري لا يريد أن يقوم بترسيم الحدود لسبب بسيط وهو كي يبقى بيده مبرر وبيد حزب الله ليبقى سلاح حزب الله مع حزب الله وهذا ببساطة شديدة, والسؤال هل لنا مصلحة أم لا ؟...

أنا باعتقادي المسالة الوطنية لا تزال في سوريا لها من المكان مالها ومن خلال الأحداث الأخيرة نرى أنه لا تزال تحتل موقعاً مميزاً في قلوب وعقول السنة, فالسؤال ماهو الموقف من الصراع العربي الإسرائيلي وعلى أساسها تحدد, انتقادي للنظام هو أنّ النظام موقفه من الصراع العربي الإسرائيلي هو موقف شكلاني وليس جوهري.

يعني ليس موقفه جوهري من الصراع بقدر ماهو شكلاني فإذا إسرائيل حققت له شروطه فيذهب ويعمل تسوية معها, هل يا ترى من مصلحتنا كشعوب عربية ومن صالحنا التسوية ؟.. وبالتالي الجواب على مسألة الصراع العربي الإسرائيلي ليس نحن من يجيب عليه بل الفلسطينيون لأن هذه قضيتهم بالدرجة الأولى وهي قضية شعبهم وهم الذين يقرروا هل هذه التسوية تحقق لهم الحد المقبول وإذا قالوا باستفتاء شعبي نعم فنحن مع قرار الاستفتاء أيً كان الجواب.

س: ما رأيك بإمكانية تطبيق مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد، وهل ينجح في الوسط الإسلامي والشرق التقليدي وما معوقاته؟

أرى انه غير قادر على النجاح فهناك محاولات ولكن لن يقدّر له أن ينجح أبداً, فالبنية المجتمعية ليست فرحة أو ضحكة رغم كل الهشاشة التي تبدو للعيان فهي تكشف أنّ هناك مقاومات مرعبة, و يتجلى ذلك في قضية الحجاب الذي ينظر إليها البعض كشيء مغيظ وبالتالي هذه التي تبدو في مجتمعنا، في حقيقة الأمر هناك إمكانية لمقاومتها, ودعنا نحدد هل يا ترى نحن ضد الأمريكان أو ضد الأوربيون؟... فعليك أن ترى هذا المشروع هل يخدم هذه المنطقة وهل يخدم فعلاً تطوّرها؟... ومن ثم تحدد موقفك على أساسه, فأمريكا لم تأتي لتخدم المنطقة وأقول: أتت لتخدم مصالحها, فهل تتعاطى مصلحتي معها, فإذا كانت مصلحتي وشعبي تتعاطى مع مشاريع أمريكا فلا مانع ولكن هي لم تأتي لتتقاطع مشاريعها مع مصالح شعبي أو مصلحة هذه المنطقة, هي لا تأتي إلا لتزيد التطرف وكل المظاهر التي من غير الممكن إلا أن تكون ظاهرة عابرة لولا وجودها.

س: بماذا تفسرين غياب رأس المال السوري عن عملية التغيير، علماً أنّ المال هو المحرك الأساسي لمعظم العمليات الانقلابية في العالم، وهل يمكن استعمال المال السياسي في التغيير؟...

من الذي سيدفع؟... هل تقصد الرأسماليين السوريين؟... إلى الآن الرأسماليين السوريين لم يروا ولا حزب واحد يناسبهم, فهم يضعون أموالهم في سبيل مشروع لهم ولكن إلى الآن لم يروا أي حزب لأن يقفوا ورائه، والذين يقومون بالعمل السياسي عندما يتقدمون بالموضوع يذهبون إلى السجن أو إلى مكان آخر في المنفى، وأنا برأيي البرجوازية السورية لا تقف على تناقض مع النظام, فنحن لماذا نفهم القصة عكس هذا؟!. النظام يحتاج لمصالح البرجوازية السورية.

أما هؤلاء الرأسماليين السوريين المعارضين فهم لا يدفعوا الأموال إلا إذا كانت لصالحهم, ونرجع إلى الشخصنة فإلى الآن لا توجد عندنا برجوازية متنوعة ودعنا لا نضحك أو نوهم أنفسنا بغير ذلك، البرجوازية المتنورة هي أوهام تلازمنا فخالد العظم لا يعكس البرجوازية السورية هو متسرّب وبالتالي البرجوازية السورية لم تكن هوَ لأنه كان الحالة الشاذة مثل ناظم القدسي وهاشم الأتاسي وخالد بيك العظم كان يلقب المليونير الأحمر وهو صاحب مشروع للصناعة الوطنية، وهنا تكمن أهميته ولكن هذا لا يعكس البرجوازية السورية لأنّ البرجوازية السورية برجوازية متخلفة وليست صاحبة مشروع ولو كانت صاحبة مشروع لما أتى الانقلابيين بهذه البساطة, هي صاحبة ثرثرة حارات مثل دكان وحارة ففي أحسن الأحوال قامت بإنشاء مصنعين صغيرين, فهم ليس لديهم مشاريع وهنا كانت المشكلة فهم من أوصلونا إلى الانقلابات العسكرية, الآن يمكن أن تقوم تجربتها وتأتي بانقلاب أسوأ منه.

س: صمود وانتصارات العرب: صمد العرب أمام العدوان الثلاثي تلا ذلك نكسة في حرب الأيام الستة وسجل العرب نصرا مؤزرا في حرب تشرين/أكتوبر، ومجددا ينتصرون على إسرائيل في حرب لبنان الأخيرة، بينما صرح الإسرائيليون أنهم يتمنون للعرب كثيرا من هذه الانتصارات، فما معنى الاندحار والهزيمة في المصطلح السياسي العربي؟

كل الذي قلته لا يوجد فيه ولا نصر, النصر الوحيد الذي ضمن الشروط الإسرائيلية هو نصر حرب تموز الأخيرة فحزب الله انتصر وصمد هذا الصمود البطولي والأسطوري وعددهم قليل ( هم كم واحد ) ولا يمكنهم أن يهجموا على إسرائيل وهذه نظرة واقعية, لكن هو استطاع أن يصمد في وجه الجيش الإسرائيلي في لبنان ولو بقيت إسرائيل في لبنان فهو سيحرر لبنان والمهم لدي في كل هذه التجربة هو أنه ولأول مرة انتصر عندنا هو الهزيمة لأننا أناس مهزومين فصار كل الذي يهزمنا نحن معه, فأمريكا هزمتنا في العراق صرنا الدعاية لهم وإسرائيل هزمتنا أيضاً صرنا معها, مع أنهم يقولون الإرهابيون الفلسطينيون, أما الإسرائيليين هم أناس طيبين ((أوادم ))

وأنظمتنا العربية جزء من البروباغاندا الغربية وهم جزء من مراكز القرار العالمي الجديد، والأنظمة العربية ولا أستثني أحد هي جزء من النظام العالمي الجديد وقد يختلفوا على بعض التفصيلات ولكن بالنهاية يحفظون مصالح النظام العالمي وهذه هي القصة فهذه الأنظمة العربية جاءت وثُبتت عن طريق النظام العالمي ولا يستطيع أي نظام البقاء لولا وجود قرار من إحدى دول النظام العالمي تريد له البقاء.

س: من هو المعارض السوري، وبماذا نميزه عن غيره من موال ومحايد؟

المعارض السوري هو فقط ينتقد سياسة الحكومة ويتكلم عن النظام ولكن ليس لديه أي مشروع عدا الشعارات, ومع الأسف الشديد نحن كمعارضة لدينا غياب للمشروع فليس لدينا مشروع وهذه هي الكارثة الكبرى, لذلك نتميز بأننا أصوات معارضة ولسنا معارضة لأنّ المعارضة الحقيقية تمتلك مشروع وتتقدم إلى الانتخابات وتتصرف لأنّ لديها برنامج متكامل للعمل ولديها الكوادر بحيث تستطيع أن تصوّب على عمل الحكومة وإذا الحكومة لم تستطع القيام بعملها تسقطها المعارضة وتكون بديلاً عنها وتقوم بالدور المطلوب, ولا يوجد شيء من هذا القبيل لدينا في المعارضة.

س: برأيك ما هو المطلوب من سوريا كسلطة ومعارضة لإحداث التغيير دون إرهاصات تتبعها خسائر كارثية؟

الحقيقة إنّ النظام لو طلب منه لن يرد على ذلك, هو نظام فاسد وهو يحارب الفساد عن طريق المسلسلات التلفزيونية, فكيف سيتصرف المرء تجاه هذا النظام الفاسد الغارق بالفساد من رأسه الى أخمص قدميه, فلا أنت كمعارضة عندك برنامج بديل وتقول عندك سياسات تجاه الحكومة وتجاه الوضع الاقتصادي والحلول 3،2،1،............الخ، والنظام حالياً يطرح برنامجه وهو برنامج فساد بكل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتحت كل المسميات فما هو إلا إعادة إنتاج الفساد والقمع مرة أخرى في كل المجالات, وعلى المعارضة أن تضع برنامج بديل لهذا البرنامج وترى كيف يمكنها أن تحارب الفساد, فيجب أن تضع أمام عينها عمل محدد وتقول في هذا العام سنفعل كذا لصالح مؤسسة معينة وضد الفساد في مؤسسة كذا أيضاً أو لصالح بشر موجودين في منطقة محددة وتكشف بكل آليات الكشف ما يحصل بالقضية التي تقوم بها أو بالقضية التي يقوم بها النظام.

س: أنتِ تنتمين إلى حزب معارض، ماذا فعل هذا الحزب المعارض إلى الآن ؟...

هذا صحيح , الحزب لم يفعل شيء وقمنا بعمل شيء جيد عندما دخلنا إلى السجن, كان عندنا برنامج اشتراكي وهذا البرنامج انتهى بعد سقوط المعسكر الاشتراكي في أوربا الشرقية, نحن مثل الذين يمشون على الحجلة محتارين بأنفسنا أين سنقف؟.. ونحن مثل المعارضة السورية الباقية ولسنا أفضل حالاً منها، نحن داخل الحزب منقسمين فجزء يؤمن بمصالح الشعب والناس الفقيرة والوقوف في وجه اللبرلة، وقسم مثل باقي المعارضة السورية يريدون ليبرالية جديدة ولكن ( لا تزبط معهم) أي لا يجدونها وهم يريدون خالد العظم ولا يجدون مثل خالد العظم ونسوا أنّ خالد العظم حالة شاذة.

س: هل المعارضة تائهة تمشي بخطى عاثرة؟!.

نعم، هم لا يعرفون إلى أين يسيرون والنظام أيضاً وضعه ليس بأفضل منهم، النظام لديه مشكلة مع النظام العالمي الجديد وبنفس الوقت هو يخدم مصالحهم وهو يحاول التأقلم معهم ولكنه لا يستطيع أن يتأقلم، فهو يتعرض لهزات كبيرة في محاولة لإعادة إنتاجه كنظام يخدم مصالح الرأسمال العالمي الجديد، فهو لا يسأل ولا يعير انتباهاً للوضع الداخلي لأنه يعتبر هذا الشعب رعاع والأمريكان يعتبرونا رعاع، فهو كما يعتبر الناس رعاع يسيّرهم كما يريد.

س: برأيك من الذي يحكم سوريا فعليا؟ الجيش، الحكومة، المخابرات، المقربين من أسرة الأسد أو الطائفة العلوية؟

يحكم سوريا مصالح مافيات سياسية اقتصادية بتحالفات غرائبية من شكلها، نحن محكومون من مافيات، وفعلياً إذا أردنا أن نرجع يجب أن نحدد أولوياتنا حتى نرجع ونمد جسور بيننا وبين البشر، نحن مقطوعون عن الناس ومع المجتمع العالمي والعربي، علينا أن نمد الجسور من خلال برنامج سياسي واضح ومحاولة العمل عليه.

س: ما هو تعريف سجين الرأي أو الضمير؟

هو كل شخص صاحب رأي لا يتفق مع النظام وبالتالي يذهب الى السجن أو أحياناً لا يتفق مع المجتمع وهذا المجتمع غير قادر على سجنه فيحاربه بأشكال ثانية.

س: ما موقفك من الاستعانة بقوى أجنبية لحصول الشعب السوري على حقوقه، على قاعدة "عدو عدوي حليفي"؟

لست مع الاستعانة بقوى أجنبية أبداً وأنا ضد ذلك وبشكل قاطع ومبدأي لأسباب هي أنّ من يغيّر هو صاحب المصلحة وهو من يضع شروطه، الشروط عندئذ لا تستطيع أن تضعها أنت، الشرط يضعه من قام بمدك < مال – سلاح- مواقف -....> وهو الأقوى وكل المحاولات لتحسين الشروط لن تخرج بنتيجة ذات معنى وبالتالي الحصول على حقوق الشعب يجب أن تكون من صنع التغيير الداخلي.

س: هل الملف الكردي في سوريا يعتبر قضية ارض وشعب أم مسألة حقوق إنسان مغيبة؟

دعنا نحدد في المدى المنظور، الآن دعنا نترك أمر الأرض والتاريخ لأنه ليس أنا من يقرر ذلك ، يقرر هذا الأمر مجموع الشعب السوري بما فيهم الأكراد، فليس من حقنا أن نفتي بهذه المسألة وهذا من حق الشعب السوري بمن فيهم الأكراد أن يفتوا فيها، وأقول هناك مجموعة شروط للأكراد عليهم الحصول عليها يعني حقوقهم كمواطنين يجب أن يحصلوا عليها< اللغة- الثقافة- المواطنة........ الخ> وما تبقى من حق تاريخي لنتركها حالياً لأنه ليس من حقي أن أقرر فمن حق الكل أن يحقق في هذا الأمر.

س: ما موقفك من الفيدرالية الكردية في سوريا أو الحكم الذاتي؟

هذا كما قلت يقرره الشعب السوري كلهم - لماذا تستبق الأمور - أنا لن أقول: أنا ضد أو مع ، هذا فعلياً يقرره الشعب كله بما فيهم الأكراد.

س: النظام يمارس عليكم كل أنواع العنف والتنكيل بينما تطالبون باستمرار بالحل السلمي والديمقراطي، فلماذا لا تردون على العنف بمثله ؟

إذا كان الشخص صاحب مشروع تنويري حضاري يفترض ألا يقبل استخدام أساليب العنف يعني أنا أعتقد إنّ هذه كارثة حقيقية، أن يفعل الناس مثل النظام، وبالتالي هذا سيدل على أنّ الصراع بينك وبينهم صراع مواقع سلطة وليس صراع مصالح وطبقات وشعب.

س: من ترشحين لرئاسة سوريا؟ هل تذكرين اسم مرشح محتمل أو أكثر من المعارضة ومثله من النظام؟

هذا حسب المرشحين لو أنك سألتني عن لبنان هذا سهل المرشحين لرئاسة الجمهورية اللبنانية لقلت نجاح واكيم أو زياد الرحباني، وأريد أن تكتب أني أرشح لمنصب رئاسة الجمهورية العربية السورية زياد الرحباني.

س: لو استعرضنا أسماء المعارضين السوريين في الخارج والداخل، فمن تمنحين لقب :"مهرج المعارضة السورية"؟

لا أعرف وشخصياً لا أهتم بهذه المسألة بصراحة ( مهرج أم غير مهرج ) أنا أختلف مع فلان وأتفق مع فلان وبالتالي ليهرج من يهرج لأنه أحياناً التهريج في جو سياسي سيء قد يكون جيد جداً.

س: بعد وفاة الاتحاد السوفيتي هل ستقوم للاشتراكية ومن ثم الشيوعية قائمة بعد الآن؟ وهل صار التشيع لها ترفا سياسيا؟

أنا مقتنعة بأنّ تجربة أمريكا اللاتينية الآن تجربة تستحق الوقوف عندها، نحن كبلدان عالم ثالث وبلدان أمريكا اللاتينية الاشتراكيين يظهرون بطريقة راقية جداً وهي مفتقدة لدينا، والآن رجعت الاشتراكية لتظهر عن طريق صناديق الاقتراع، يعني هذا الحزب الشمولي الذي انطبع به الاتحاد السوفيتي والستاليني والصراع العالمي بينهم وبين المعسكر الآخر، والآن دعنا نرى في أمريكا اللاتينية تجربة بوليفيا بشكل أساسي هذه تجربة لها معنى وهو أولاً أصبح فيها رئيساً بأغلبية والقرارات التي يأخذها قرارات شعبية بمعنى هناك موافقة وليس قرارات ديكتاتورية. وحتى المكسيك لولا التلاعب لرأينا نتائج جيدة، فتجربة أمريكا اللاتينية تجربة لها معنى وتعطيك تجربة من نمط جديد فهي تعطيك تجربة ليست استبدادية، فحق الشعوب ليس من الممكن أن يذهب ويهدر وسنظل ندافع عنهم بأشكال مختلفة حتى الإسلام السياسي الذي نراه ليس بخارج او بعيد عن مصالح الناس، أمريكا اللاتينية تستعين بالحل الاشتراكي وعندنا كمجتمعات عربية أو إسلامية نستعين بالإسلام وبالنهاية هذه تعبيرات مجتمعنا وتلك تعبيرات مجتمعهم.

س: ما موقفك من الدعوة لقيام خلافة إسلامية جديدة تطبق الشرع على الأرض الإسلامية كما كانت في عهد الأمير الكردي صلاح الدين؟

أنا لم أكن معه أبداً، ومن المؤسف أنه في هذا القرن يُعاد يطرح تشكيل خلافة إسلامية لأنك كنت تتحدث عن دولة حديثة, وعلى كل حال التيار الإسلامي هو الذي يجعلك تعيد النقاش وهو يقدم لك خدمة وأنت تقدم له خدمة وفعلا تتوصلون إلى حلٍ ما.

س: لم يصدر النظام قانون للأحزاب حتى اللحظة، فهل برأيك سوريا مقدمة على استفتاء تقليدي كما في السابق، والنتائج محسومة بأربع تسعات؟

أعتقد لأنه في أفضل الحالات يمكن أن ينزل مرشح ودعنا لا نستبق الأمور لأنها مرتبطة بمجموعة من المتغيرات ستحصل, فهل سيكون هناك حل قريب مع الادارة الأمريكية؟...

برأيي لن يكون حل قريب إذاً كيف سيكون الوضع في المنطقة؟.. على هذا الأساس يتحدد ويصبح لدينا أكثر من مرشح, وإذا كان لدينا أكثر من مرشح لن يكون سوى مرشح صوري أي سيكون شكلاني لأنه لن يكون هنا انتخابات حقيقية حتى لو كان عندنا أكثر من مرشح, فهذه التجربة اليمنية أمامنا حيث نزل مرشح مقابل الرئيس ولكن حلف وأقسم الشعب على الرئيس وقالوا : نحن لن نستطيع العيش بدونك يا رئيس.

س: النظام في سوريا علماني والمرأة السورية تشارك منذ أمد في الانتخابات وتقود السيارة وتدير وزارة، فهل أنت مع مشاركة المرأة في الشأن العام وماذا عن تسلمها الولاية الكبرى؟

برأيي حتى من حقها ولاية الفقيه والولاية الكبرى، وإذا كان من المزايا التي تحسب لهذا النظام بأنه نظام نصف علماني وليس علماني ومصانة فيه الحقوق الدينية وهذا شيء جيد، حتى الحريات الشخصية تقريبا مصانة ما عدا الحق السياسي هو المهدور.

س: لماذا لا تقومين بتشكيل منظمة لحقوق الإنسان تدعمين فيها المرأة؟...

أنا أخاف أن تكون مثلها مثل باقي الجمعيات, أي لا تكون لها وظيفة سوى الوظيفة الإعلانية فإذا كان عندي جمعية قادرة على أن تعمل مشروع فلا مانع.

س: يزداد تعداد المنخرطات في حركة القبيسيات الإسلامية بزعامة "الآنسة الكبرى" منيرة القبيسي، ويشاع أن تعداد أعضائها تجاوز 70 ألفا وانتشرت كما هو معروف في أوساط بنات الأسر الميسورة في سورية، هل هي قبول لواقع العنوسة، أم حركة سياسية أم ماذا؟

في هذا الموضوع يوجد شيء معقد، أعتقد أنّ هناك شيء يتعلق بالترف وبغياب الشيء الاجتماعي البديل، بمعنى نحن دائماً نحتاج إلى شيء اجتماعي وإلى شكل من أشكال التعاطي الاجتماعي, الحياة الآن تُغيّب هذا الشيء فالناس تفكر بأشياء بديلة، وهناك شكل قد يكون هو عبارة عن حالة ميولات دينية وتطرف ديني برعاية النظام, بمعنى هذه الظاهرة الدينية تحت إشرافه وبنفس الوقت يمتص بها هذا النزوع الديني الذي نحن لسنا معزولين عن المنطقة التي فيها نزوع ديني عالي, هذه الأسباب مع بعضها شكلت هذه الظاهرة.

س: ما سبب تغاضي السلطة عن القبيسيات وهي التي جابهت أي توجه ديني وغيره مما يخمن أنه يعيق انتشار الثقافة القوموية والاشتراكية ومنطلقات البعث النظرية؟

لأنها تحت رعايتها ولأنها مدركة تماماً بأنها غير قادرة على ضبطها فهي تترك شيء ديني تحت رعايتها وإشرافها، وبالتالي هي تعرف المفاصل وكيف تسير الأمور, وعندما يصير الموضوع معارضة يصبح الشأن شأن ثاني ويتغير نوع التعاطي مع القبيسيات, إلى الآن النظام ككل وموقفه من الحركة الإسلامية في المنطقة المجاورة حيث هناك تقاطع سياسي ولا نقول تحالف, فهم يعتبرون نفسهم هم والتيار الإسلامي بخندق واحد بمواجهة المشروع الأمريكي والشرق الأوسط الكبير وبالتالي هذا يجعله غير مستنفر ضد الظهور الإسلامي، ومجرد أن يتحول الظهور الإسلامي إلى شيء سياسي يقمعه, نحن نرى أنّ النظام السوري في الصباح و المساء يدعو لخالد مشعل مع أنّ خالد مشعل من الأخوان المسلمين في فلسطين وهو نسخة عن البيانوني , ولكن التقاطع السياسي بين النظام وبين خالد مشعل يجعل النظام ليس عنده مانع في دعوة خالد مشعل ولكن بنفس الوقت يمنع البيانوني بأن يأتي إلى دمشق.

س: قد أصدرت مجموعة قصصية تحكين فيها عن تجربتك في السجن، وكما نعلم أنهيت كتابة روايتك الأخيرة، فهل أغلب مفاصل الرواية الجديدة عن النظام أو أنك تخلصت من السجن الصغير لتكتبي عن السجن الكبير؟!..

أنا في الرواية الأولى تحدثت عن تجربة النساء السوريات في السجن, طبعاً هي تجربة لليسار وما أتى من إسلاميات، ومن ثم قمت بإعداد الرواية الثانية عن سلسلة جبال الساحل في الفترة التي كانت فيها مغلقة إلى فترة وصول فرنسا وهي تتناول هذه المرحلة بالشكل الثقافي والثقافة الشفاهية من شعر إلى نمط حياة معين ....الخ، الى حد دخول فرنسا الى سوريا , طبعا الرواية جاهزة منذ ثلاث سنوات ولا احد يطبعها لي.

س: هل لكِ أن تسمي أربع شخصيات حقوقية ومعارضة ناشطة تستحق أن يلقى الضوء عليها؟

هيثم المالح بحكم أنه من الرواد - أكثم نعيسة ونزار نيوف الذين أسسوا اللجان.

س: كلمة تريدين إيصالها إلى المعارضة والنظام؟

أولاً إلى المعارضة: يجب أن نفكر كلنا بمشروع فعلي لسوريا ليس فقط بالشعارات وإنما بالواقع.

ثانياً إلى النظام: لا تستطيع أن تحكم بهذه الطريقة إلى أبد الآبدين, عليك أن تقرأ الواقع الاجتماعي والسياسي ليس فقط بسوريا بل في كل مكان في العالم بشكل أفضل حتى تجنب سوريا مشاكل كبيرة قد تصل إلى الاحتراب الطائفي وأن تقرأ الواقع بشكل أفضل وأعرف أنها دعوة طوباوية لن يرد عليها النظام لأنّ مصالحه بمليارات الدولارات ولن يرد على أحد.

أتمنى من رئاسة الجمهورية إذا أرادت أن تنزل الانتخابات لأول مرة أن تجري انتخابات فعلية بدون استفتاء, حتى لو كان الممثلين المشاركين أقل بكثير وممكن ألا يكون لهم حظ، وبالتالي لتؤسس لمرحلة ديمقراطية وأن تكون بداية لشيء عملي تنافسي داخل سوريا, برأيي في المسألة الوطنية يجب علينا الكل قراءة جديدة، نحن نطالب كمعارضة بالديمقراطية وعلينا أن نرى ونجد مدخل للديمقراطية، والقضية الوطنية أثبتت بالدليل القاطع هي سوسة عندنا, علينا ان نوجد مدخل فعلي للديمقراطية عبر المسألة الوطنية.



#علي_الحاج_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظام دمشق يواجه مصيره المحتوم بمفرده
- الرأي العام وصناعة الأزلام
- حتمية التغيير الديمقراطي في سوريا
- الاستبداد يستدعي احتلال سوريا
- رسالة من أمي
- رسالة إلى أمي
- O, TEMPORA..! O, MORES..!!!
- رسالة ولاء ومحبة للسيد الوالي
- قراءة مقتضبة في لقاءات ربيع باريس السوري المعارض
- ما أفلحت أمة صار سفهاؤها سادة لها
- دمشق عودت حليمة على عادتها القديمة
- من تعريب كردستان إلى تكريد شبعاستان
- الأبقار البعثية المقدسة بين المطرقة والسندان
- لماذا الأكراد خنجرا سامة في خاصرة الأمة العربية...!
- رسالتي إلى الله
- قم يا أيها المدثر، تحت لحاف زوجتي لا تشخر..!
- أضرار الشراكة السورية-الأوربية
- الأنظمة الشمولية تنعش الأصولية لتعتاش بظلها
- مملكة سوريا وابن فضلان
- نداء لحظر حزب البعث دوليا كمنظمة إرهابية


المزيد.....




- - هجوم ناري واستهداف مبان للجنود-..-حزب الله- ينشر ملخص عملي ...
- -بلومبرغ-: البيت الأبيض يدرس إمكانية حظر استيراد اليورانيوم ...
- انعقاد قمة المؤسسة الإنمائية الدولية في نيروبي بحضور القادة ...
- واشنطن: خمس وحدات إسرائيلية ارتكبت -انتهاكات- بالضفة الغربية ...
- السلطات الألمانية تدرس اتخاذ إجراءات عقب رفع شعار -الخلافة ه ...
- وزير الخارجية الإسرائيلي ينتقد أردوغان بسبب موقفه من الحرب ع ...
- الأمير محمد بن سلمان يتحدث عن إنجاز حققته السعودية لأول مرة ...
- زاخاروفا تذكّر واشنطن بمنعها كييف من التفاوض مع روسيا
- الحوثيون: استهدفنا مدمرتين حربيتين أمريكيتين وسفينة بالبحر ا ...
- وفد من -حماس- يغادر القاهرة ليعود برد مكتوب على مقترح صفقة ا ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - علي الحاج حسين - لقاء شامل مع الكاتبة حسيبة عبد الرحمن